للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها، إمَّا إلى داخلِ الفَمِ، وإمَّا إلى الشَّفَةِ، وكانت (٨) للجانى مثلُها في مَوْضِعِها، فللمَجْنِىِّ عليه القِصاصُ، أو أخْذُ حُكومةٍ في سِنِّه. وإن لم يكُنْ له مثلُها في مَحَلِّها، فليس للمَجْنِىِّ عليه إلَّا الحُكومةُ. وإن كانت إحْدَى الزَّائِدَتينِ أكبرَ من الأخْرَى، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، لا تُؤْخَذُ الكُبْرَى بالصُّغْرَى؛ لأنَّ الحُكومةَ فيها أكبرُ، فلا يُقْلَعُ بها ما هو أقَلُّ قيمةً منها. والثانى، تُؤْخَذُ بها؛ لأنَّهما سِنَّانِ (٩) مُتَساوِيانِ (١٠) في الموضعِ، فتُؤْخَذُ كلُّ واحدةٍ منهما بالأُخْرَى، كالأصْلِيَّتَيْنِ، ولأنَّ قولَ اللَّه تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (١١). عامٌّ، فيَدْخُلُ فيه مَحَلُّ النِّزاعِ. وإن قُلْنا: يَثْبُتُ القِياسُ (١٢) في الزَّائدتَيْنِ بالاجْتِهادِ، فالثابتُ بالاجْتِهادِ مُعْتَبَرٌ بما ثَبَتَ بالنَّصِّ، واختلافُ القِيمَةِ لا يَمْنَعُ القِصاصَ، بدليلِ جَرَيانِه بين العَبِيِد، وبين الذَّكَرِ والأُنْثى، في النَّفسِ والأطْرافِ، على أنَّ كِبَرَ السِّنِّ لا يُوجِبُ كَثْرةَ قِيمَتِها، فإنَّ السِّنَّ الزَّائدةَ نَقْصٌ وعَيْبٌ، وكثرةُ العيبِ زِيادةٌ في النَّقْصِ، لا فى القِيمَةِ، ولأنَّ كِبَرَ السِّنِّ الأصْلِيَّة لا يَزيدُ قِيمَتَها، فالزائدةُ كذلك.

فصل: ويُؤْخَذُ اللِّسانُ باللِّسانِ؛ لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (١١). ولأنَّ له حَدًّا يَنْتَهِى إليه، فاقْتُصَّ منه، كالعَيْنِ. ولا نعلمُ في هذا خِلافًا. ولا يُؤْخَذُ لِسانُ ناطِقٍ بلسانِ أخْرَسَ؛ لأنَّه أفْضَلُ منه. ويُؤْخَذُ الأخْرَسُ بالنَّاطقِ؛ لأنَّه بعضُ حَقِّه. ويُؤْخَذُ بعضُ اللِّسانِ ببعضٍ؛ لأنَّه أمْكَنَ القِصاصُ في جَمِيعه، فأمْكَنَ في بعضِه، كالسِّنِّ، ويُقَدَّرُ ذلك بالأجْزاءِ، ويُؤْخَذُ منه بالحِسابِ.

فصل: وتُؤْخَذُ الشَّفَةُ بالشَّفَةِ، وهى ما جاوَزَ الذَّقَنَ والخَدَّيْنِ عُلْوًا وسُفْلًا (١٣)؛ لقولِ


(٨) سقطت الواو من: الأصل، م.
(٩) في ب: "سنتان".
(١٠) في الأصل: "متساويتان".
(١١) سورة المائدة ٤٥.
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) في الأصل: "أو سفلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>