للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسُّلْطانِ، وقد رُوِىَ عن ابنِ عمرَ أنَّه أتَى أرْضًا له، وعندَها مَسْجِدٌ يُصَلِّى فيه مَوْلًى لابن عمرَ، فصَلَّى مَعَهُم، فَسَألُوه أن يُصَلِّىَ بهم، فأبَى، وقال: صاحِبُ المَسْجِدِ أحَقُّ. ولأنَّه داخِلٌ في قوله: "مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمُّهُمْ".

فصل: وإذا أذِنَ المُسْتَحِقُّ مِن هؤُلاءِ لِرَجُلٍ في الإِمامةِ، جَازَ، وصارَ بمَنْزِلَةِ من أذِنَ في اسْتِحْقَاقِ التَّقَدُّمِ، لقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إلَّا بإذْنِهِ". ولأنَّ الإِمامةَ حَقٌّ له فلهُ نَقْلُها إلى مَنْ شاءَ، قال أحمدُ: قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِى سُلْطَانِهِ، ولَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتهِ فىِ بَيْتِه إلَّا بإذْنِهِ". أرْجُو أنْ يكونَ الإِذْنُ في الكُلِّ، ولم يَرَ بَأْسًا إذا أذِنَ له أن يُصَلِّىَ.

فصل: وإن دَخَلَ السُّلْطَانُ بَلَدًا له فيه خَلِيفَةٌ، فهو أحَقُّ من خَلِيفَتِه؛ لأنَّ وِلايَتَهُ على خَلِيفَتِه وغيرِه. ولو اجْتَمَعَ العَبْدُ وسَيِّدُه في بيتِ العَبْدِ، فالسَّيِّدُ أوْلَى؛ لأنَّه المالِكُ على الحَقِيقَةِ، وَوِلايَتُه على العَبْدِ، وإن لم يَكُنْ سَيِّدُه معهم فالعَبْدُ أوْلَى؛ لأنَّه صاحِبُ البَيْتِ، ولذلك لمَّا اجْتَمَعَ ابنُ (٥) مسعودٍ وحُذَيْفَةُ وأبو ذَرٍّ في بيتِ أبي سَعِيدٍ مَوْلَى أبي أَسِيدٍ وهو عَبْدٌ، تَقَدَّمَ أبو ذَرٍّ لِيُصَلِّىَ بهم، فقالُوا له: وَرَاءَكَ. فالْتَفَتَ إلى أصْحَابِه، فقال: أكَذلك؟ قالوا: نعم. فَتأَخَّرَ، وقَدَّمُوا أبا سَعِيدٍ، فصَلَّى بهم (٦). وإن اجْتَمَعَ المُؤْجِرُ والمُسْتَأْجِرُ في الدَّارِ المُؤْجَرَةِ، فالمُسْتَأْجِرُ أوْلَى؛ لأنَّه أحَقُّ بالسُّكْنَى والمَنْفَعَةِ.

فصل: والمُقِيمُ أوْلَى من المُسَافِرِ؛ لأنَّه إذا كان إمامًا حَصَلَتْ له الصلاةُ كُلُّها في جماعةٍ، وإن أَمَّهُ المُسَافِرُ احْتَاجَ إلى إتْمَامِ الصلاةِ مُنْفَرِدًا. وإن ائْتَمَّ بالمُسَافِرِ جازَ، ويُتِمُّ الصلاةَ بعد سَلامِ إمامِه. فإنْ أتَمَّ المُسَافِرُ الصَّلاةَ جَازتْ صلاتُهم. وحُكِىَ عن أحمدَ في صَلاةِ المُقِيمِ (٧) رِوَايَةٌ أُخْرَى أنَّها لا تَجوزُ؛ لأنَّ


(٥) سقط من: م.
(٦) تقدم في صفحة ٢٦.
(٧) في أ، م: "المقيمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>