للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشَّكِّ، ولا نَزُولُ عن الأَصلِ إلَّا بَيقينٍ. وعندَ الشَّافعىِّ، هو كقولِه: أنتِ علىَّ حرامٌ. سواءً.

١٢٦٩ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا طَلَّقَها بِلِسَانِهِ، وَاسْتَثْنَى شَيْئًا بِقَلْبِهِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ الاسْتِثْنَاءُ)

وجملةُ ذلك أَنَّ ما يَتصِلُ باللَّفظِ مِن قَرِينةٍ، أو اسْتِثْناءٍ، على ثلاثةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، ما لا يَصِحُّ نُطقًا ولا نِيَّةً، وذلك نوعانِ؛ أحدُهما، ما يَرفعُ حُكمَ اللَّفظِ كلَّه، مثل أن يقولَ: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا ثلاثًا. أو: أنتِ طالقٌ طلقةً لا تَلزمُك. أو: لا تَقَعُ عليك. فهذا لا يَصِحُّ بلفظِه ولا بِنِيَّتِه؛ لأنَّه يَرْفَعُ حُكمَ اللَّفظِ كلَّه، فيَصِيرُ الجميعُ لَغْوًا، فلا يَصِحُّ هذا فى اللُّغةِ بالاتِّفاقِ، وإذا كان كذلك سَقَطَ الاسْتِثْناءُ والصِّفةُ، ووقَعَ الطَّلاقُ. الضَّربُ الثَّانى، ما يُقبَلُ لَفْظًا، ولا يُقبَلُ نِيَّةً، لا فى الحُكْمِ ولا فيما بينه وبينَ اللَّهِ تعالى، وهو اسْتِثْناءُ الأقلِّ، فهذا يَصِحُّ لفظًا؛ لأنَّه من لسانِ العربِ، ولا يَصِحُّ بالنِّيَّةِ، مثلَ أن يَقولَ: أنتِ طالقٌ ثلاثًا. ويَستَثنِىَ بقلْبِه: إلَّا واحدة أو أكثرَ. فهذا لا يَصِحُّ؛ لأنَّ العَدَدَ نَصٌّ فيما تَناوَلَه، لا يَحْتمِلُ غيرَه، فلا يَرْتفِعُ بالنِّيَّةِ ما ثَبَتَ بنَصِّ اللَّفظِ، فإنَّ اللَّفظَ أقْوَى مِنَ النِّيَّةِ، ولو نَوَى بالثَّلاثِ اثْنتَيْنِ، كان مُسْتعمِلًا لِلفظِ فى غيرِ ما يَصلُحُ له، فوقَعَ مُقْتَضَى اللَّفظِ، ولَغَتْ نِيَّتُه. وحُكِىَ عن بعضِ الشَّافعيَّةِ، أنَّه يُقْبَلُ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى، كما لو قال: نِسَائِى طوالقُ. واستثنى بقلْبِه: إلَّا فلانةٌ. والفرقُ بينهما أَنَّ نِسائِى اسمٌ عامٌّ يَجوزُ التَّعْبيرُ به عن بعضِ ما وُضِعَ له، وقد اسْتُعْمِلَ العمومُ بإزاء الخصوصِ كثيرًا، فإذا أرادَ به البعضَ صَحَّ، وقولُه: ثلاثًا. اسمُ عَدَدٍ للثَّلاثِ، لا يَجوزُ التَّعْبيرُ به عن عَدَدِ غيرِها، ولا يَحْتمِلُ سِوَاها بوَجْهٍ، فإذا أرادَ بذلك اثنتَيْنِ، فقد أراد باللَّفظِ (١) ما لا يَحْتمِلُه (٢)، وإنَّما تَعْمَلُ النِّيَّةُ فى صَرْفِ اللَّفظِ المُحْتَمِلِ إلى أحدِ مُحْتَمِلاتِه، فأمَّا ما


(١) فى الأصل: "باللفظة".
(٢) فى الأصل: "تحتمله".

<<  <  ج: ص:  >  >>