للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعيِّ؛ لأنَّ القَطْعَ مُنْفَرِدٌ عن القَتْلِ (٣٤)، فلم يَدْخُلْ حكمُ أحَدِهما في الآخَرِ، كما لو انْدَمَلَ، ولأنَّ القَتْلَ مُوجِبٌ للقَتْلِ (٣٥)، فأوْجَبَ الدِّيَةَ كاملةً، كما لو لم يَتَقَدَّمْه عَفْوٌ. وفارَقَ السِّرايةَ، فإنَّها لم تُوجِبْ قَتْلًا، ولأنَّ السِّرَايةَ عُفِىَ عن سَبَبِها، والقَتْلُ لم يُعْفَ عن شيءٍ منه، ولا عن سَبَبِه، وسَواءٌ فيما ذكَرْنا كان العافِي عن الجُرْحِ أخَذَ دِيَةَ [طَرفِه أو لم] (٣٦) يَأْخُذْها.

فصل: وإن قَطَعَ إصْبَعًا، فعَفَا المَجْنِيُّ عليه عن القِصاصِ، ثم سَرَتِ الجِنايةُ إلى الكَفِّ، ثم انْدَمَلَ الجُرْحُ، لم يَجِب القِصاصُ؛ لما ذكَرْنا في النَّفْسِ، ولأنَّ القِصاصَ سَقَطَ في الإِصْبَعِ بالعَفْوِ، فصارت اليَدُ ناقِصةً لا تُؤْخَذُ بها الكاملةُ. ثم إن كان العَفْوُ إلى الدِّيَةِ، وجَبَتْ [دِيَةُ الْيَدِ] (٣٧) كلِّها، وإن كان على غيرِ مالٍ، خُرِّجَ فيه من الخِلافِ ما ذكَرْنا فيما إذا قَطَعَ يَدًا فعَفَا المَجْنِي عليه، ثم سَرَى إلى نَفْسِه. فعلى هذا، تَجِبُ ههُنا دِيَةُ الكَفِّ إلَّا (٣٨) دِيَةَ الإِصْبَعِ. ذكَره أبو الخَطَّابِ، وهو مذهبُ الشافعيِّ. وقال القاضي: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه (٣٩) لا يَجِبُ شيءٌ. وهو قولُ أبي يوسفَ ومحمدٍ؛ لأنَّ العَفْوَ عن الجِنايةِ عَفوٌ عن ما يَحْدُثُ منها (٤٠)، وقد قال القاضي: إنَّ القياسَ فيما إذا قَطَعَ اليَدَ، ثم سَرَى إلى النَّفْسِ، أن يَجِبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، فيَلْزَمُه أن يقولَ مثلَ ذلك ههُنا.

فصل: فإن قال: عَفَوْتُ عن الجنايةِ، وما يَحْدُثُ منها، صَحَّ عَفْوُه، ولم يَكُنْ له في سِرَايَتِها قِصاصٌ ولا دِيَةٌ في ظاهرِ (٤١) كلامِ أحمدَ. وسواءٌ عَفَا بلَفْظِ العَفْوِ أو الوصِيَّةِ،


(٣٤) في ب، م: "القطع".
(٣٥) في ب: "القتل".
(٣٦) في ب: "طرفها ولم".
(٣٧) في م: "الدية".
(٣٨) في م: "لا".
(٣٩) في م: "أن".
(٤٠) فى ب: "عنها".
(٤١) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>