للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحائضٍ: إذا طَهُرْتِ فأنتِ طالقٌ. طَلُقَتْ بأوَّلِ الطُّهرِ، وتَطْلُقُ فى المَوْضِعَينِ بانْقطاعِ دمِ الحَيْضِ قبلَ الغُسْلِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فى روايةِ إبراهيم الحَرْبِىِّ. وذكر أبو بكرٍ، فى "التَّنْبيهِ" فيها قولًا، أنَّها لا تَطْلُقُ حتى تَغتسِلَ، بناءً على أَنَّ العِدَّةَ لا تَنْقضِى بانْقطاعِ الدَّمِ حتى تَغتسِلَ. ولَنا، أَنَّ اللَّهَ تعالى قال: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (١٠). أى: ينقطعَ دَمُهنَّ، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} (١٠). أى: اغْتسَلْنَ. ولأنَّه قد ثَبَتَ لها أحكامُ الطَّاهراتِ فى وُجوبِ الصَّلاةِ وصِحَّةِ الطَّهارةِ والصِّيامِ، وإنَّما بَقِىَ بعضُ الأحكامِ موقوفًا على وُجودِ الغُسْلِ، ولأنَّها ليستْ حائضًا فيَلْزَمُ أن تكونَ طاهرًا؛ لأنَّهما ضِدَّانِ على التَّعْيينِ، فيَلْزمُ [من انتفاءِ أحدِهما وُجودُ] (١١) الآخرِ.

فصل: فإن قال لها: إذا حِضْتِ حَيْضةً فأنتِ طالقٌ، وإذا حِضْتِ حَيْضتيْنِ فأنتِ طالقٌ. فحاضت حَيْضةً، طَلُقَتْ واحدةً، فإذا حاضتِ الثَّانيةَ، طَلُقَتْ الثَّانيةَ عندَ طُهرِها منها. وإن قال إذا حِضْتِ حَيْضةً فأنتِ طالقٌ، ثم إذا حضْتِ حَيْضتيْنِ فأنتِ طالقٌ. لم تَطْلُقْ الثَّانيةَ حتى تَطهُرَ مِنَ الحَيْضةِ الثالثةِ؛ لأنَّ ثُمَّ للتَّرْتيبِ، فتَقْتضِى حَيْضتَيْنِ بعدَ الطَّلْقةِ الأُولَى، لكَوْنِهما مُرَتَّبَتَيْنِ عليها.

فصل: فإن قال: إذا حِضْتِ نصفَ حَيْضةٍ فأنتِ طالقٌ. طَلُقَتْ إذا ذهبَ نصفُ الحَيْضةِ، ويَنْبغِى أن يُحْكَمَ بوُقوعِ الطَّلاقِ إذا حاضَتْ نصفَ عادتِها؛ لأنَّ الأحكامَ تَعَلَّقَتْ بالعادةِ، فيَتعلَّقُ بها وقوعُ الطَّلاقِ. ويَحْتمِلُ أنَّه لا يُحْكَمُ بوقوعِ الطَّلاقِ حتى يَمْضِىَ سبعةُ أيّامٍ ونصفٌ؛ لأنَّنا لا نَتَيَقَّنُ مُضِىَّ نصفِ الحَيْضةِ إلَّا بذلك، إلَّا أن تَطْهُرَ لأقلَّ من ذلكِ، ومتى طَهُرَتْ تَبَيَّنَّا وُقوعَ الطَّلاقِ فى نصفِ الحَيْضةِ. وقيل: يَلْغُو قولُه: نصفُ حيضةٍ. ويَبْقَى طلاقُها مُعَلَّقًا (١٢) بوُجودِ الحَيْضِ. والأوَّلُ أصحُّ؛ فإنَّ


(١٠) سورة البقرة ٢٢٢.
(١١) فى الأصل: "وجود أحدهما انتفاء". وهما بمعنى.
(١٢) فى الأصل: "متعلقا".

<<  <  ج: ص:  >  >>