للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسَبِه، فأَشْبَهَ الوَارِثَ، ولأنَّ بينهما قَرَابَةً جُزْئِيَّةً وبَعْضِيَّةً، بِخِلَافِ غيرِها.

فصل: فأمَّا سائِرُ الأقَارِب، فَمن لا يُوَرَّثُ منهم يجوزُ دَفْعُ الزكاةِ إليه، سَوَاءٌ كان انْتِفَاءُ الإرْثِ لِانْتِفَاءِ سَبَبِه، لِكَوْنِه بَعِيدَ القَرَابَةِ مِمَّنْ لم يُسَمِّ اللهُ تعالى ولا رَسُولُه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له مِيرَاثًا، أو كان لِمَانِعٍ، مثل أن يَكُونَ مَحْجُوبًا عن المِيرَاثِ، كالأخِ المَحْجُوبِ بالابْنِ أو الأبِ (٣)، والعَمِّ المَحْجُوبِ بالأخِ وابْنِه وإنْ نَزَلَ، فيجوزُ دَفْعُ الزَّكاةِ إليه؛ لأنَّه لا قَرَابَةَ جُزْئِيَّة بَينهما ولا مِيرَاثَ، فأشْبَهَا الأجانِبَ، وإن كان بينهما مِيرَاثٌ كالأخَوَيْنِ اللَّذَيْنِ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ منهما الآخَرَ، ففيه رِوَايتانِ؛ إحْداهما: يجوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهما دَفْعُ زكاتِه إلى الآخَرِ، وهي الظَّاهِرَةُ عنه، رَوَاها عنه الجماعةُ، قال في رِوَايَةِ إسحاقَ بن إبراهيمَ، وإسحاقَ بن منصورٍ، وقد سَألَه: يُعْطِي الأخَ والأُخْتَ والخَالَةَ من الزَّكَاةِ؟ قال: يُعْطِي كُلَّ القَرَابَةِ إلَّا الأبَوَيْنِ والوَلَدَ. وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. قال أبو عبيدٍ: هو القولُ عِنْدِي؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وهِيَ لِذِي الرَّحِمِ اثْنَانِ؛ صَدَقَةٌ وصِلَةٌ" (٤). فلم يَشْتَرِطْ نَافِلَةً ولا فَرِيضَةً، ولم يُفَرِّق بين الوَارِثِ وغيرِه. ولأنَّه ليس من عَمُودَيْ نَسَبِه، فأَشْبَهَ الأجْنَبِيَّ. والرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لا يجوزُ دَفْعُها إلى المَوْرُوثِ. وهو ظَاهِرُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ، لِقَوْلِه: "ولَا لِمَنْ تَلْزَمُه مُؤْنَتُه"


= النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للحسن. . .، من كتاب الفتن. صحيح البخاري ٣/ ٢٤٤، ٤/ ٢٤٩، ٥/ ٣٢، ٩/ ٧١. وأبو داود، في: أول كتاب المهدى، وفي: باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة، من كتاب السنة. سنن أبي داود ٢/ ٤٢٣، ٥١٩. والترمذي، في: باب مناقب الحسن والحسين عليهما السلام، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذي ١٣/ ١٩٤. والنسائي، في: باب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر، من كتاب الجمعة. المجتبى ٣/ ٨٨.
(٣) في الأصل: "والأب". وفي أ: "أو لأب".
(٤) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الصدقة على ذى القرابة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذي ٣/ ١٦٠. والنسائي، في: باب الصدقة على الأقارب، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٦٩. وابن ماجه، في: باب فضل الصدقة، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٩١. والدارمي، في: باب الصدقة على القرابة، من كتاب الزكاة. سنن الدارمي ١/ ٣٩٧. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٧، ١٨، ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>