للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد صارَتْ فى أَيْدِيهم وحَوَوْها. قيلَ له: فإنَّ أهلَ الْمِصِّيصةِ (١٥) غنِمُوا ثم اسْتَنْقذَ منهم العدُوُّ، فجاءَ أهلُ طَرَسُوسَ (١٦)، فقاتَلُوا معَهم حتَّى اسْتَنْقَذُوه؟ فقال: أحبُّ إلىَّ (١٧) أنْ يصْطَلِحُوا، [أعْجَبُ إلىَّ أنْ يصْطلِحُوا] (١٨). أمَّا فى الصُّورةِ الأُولَى، فإنَّ الأوَّلين قَدْ أحْرَزُوا الغنيمةَ ومَلَكُوها بحِيَازَتِهم، فكانَتْ لهُم دونَ مَنْ قاتَلَ معَهم. أمَّا فى الصُّورَةِ الثانيةِ، فإنَّما حَصَلَتِ الغنيمةُ بقتالِ الذين اسْتَنْقَذُوها فى المرَّةِ الثانيَةِ، فيَنْبَغِى أنْ يَشْتَركُوا فيها، لأنَّ الإِحْرازَ الأوَّلَ قد زالَ بأخْذِ الكُفَّارِ لها، [ويَحْتَمِلُ أنَّ الأوَّلِين قد مَلَكُوها بالحيازَةِ الأُولى، ولم يَزُلْ مِلْكُهم بأَخْذِ الكُفَّارِ لها] (١٩) منهم، فلهذا أحَبَّ أحمد أنْ يَصْطَلِحُوا عليها.

١٦٥٤ - مسألة؛ قال: (ومَنْ بَعَثَهُ الْأمِيرُ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ، فَلَمْ يَحْضُرِ الْغَنِيمَةَ، أُسهِمَ لَهُ)

هذا مثلُ الرسولِ والدَّليلِ والطَّلِيعَةِ والجَاسُوسِ وأشْباهِهِم، يُبْعَثُون لمَصْلَحَةِ الجيشِ، فإنَّهم يُشارِكُون الجيشَ. وبهذا قال أبو بكر بن أبي مَرْيم، وراشدُ بني سَعْدٍ، وعَطِيَّةُ ابن قَيْسٍ، قالوا: وقد تخَلَّفَ عثمانُ يومَ بَدْرٍ، فأجْرَى له رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهْمًا مِن الْغَنِيمَةِ. ويُرْوَى عن ابن عمرَ، أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قامَ -يعنى يومَ بَدْرٍ- فقال: "إنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِى حَاجَةِ اللهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ، وإنِّى أُبَايِعُ لَهُ". فضَرَبَ له رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسَهْمِه، ولم يَضْرِبْ لأحَدٍ غابَ غيرِه. روَاه أبو داوُدَ (١). وعن ابنِ عمرَ، قال: إنَّما تَغَيَّبَ عثمانُ عن بَدْرٍ، لأنَّه كانَتْ تَحْتَه ابنةُ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكانَتْ مريضَةً، فقال له النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ (٢) شَهِدَ بَدْرًا وسَهْمَهُ". روَاه البُخارِيُّ (٣)، ولأنَّه


(١٥) المصيصة: مدينة على شاطىء جيحان، من ثغور الشام، بين أنطاكية وبلاد الروم، تقارب طرسوس. معجم البلدان ٤/ ٥٥٨.
(١٦) طرسوس: مدينة بثغور الشام، بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم. معجم البلدان ٣/ ٥٢٦.
(١٧) سقط من: أ.
(١٨) سقط من: م.
(١٩) سقط من: ب.
(١) فى: باب فى من جاء بعد الغنيمة لا سهم له، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٦٧.
(٢) سقط من: م.
(٣) فى: باب إذا بعث الإِمام رسولا فى حاجة. . .، من كتاب الخمس، وفى: باب مناقب عثمان بن عفَّان، من كتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>