للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإعْتاقِ نَصِيبِهِ، فإنْ لم يكونا عَدْلَيْن فلا أثَرَ لكلامِهِما فى الحالِ، ولا عِبْرَةَ بقَولِهما؛ لأنَّ غيرَ الْعَدْلِ لا تُقْبَلُ شهادتُه، وإِنْ كانا عَدْلَيْنِ، فشَهادَتُهما مَقْبولَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ واحدٍ منهما لا يَجُرُّ إلى نفسِهِ بشهادَتِهِ نَفْعًا، ولا يَدْفَعُ بها ضَرَرًا، وقد حَصَلَ للعبْدِ (٢) بِحُرِّيَّةِ كُلِّ نِصْفٍ منه شَاهِدُ عَدْلٍ، فإن حَلَفَ مَعهما، عَتَقَ كُلُّه، وإن حَلَفَ مع أحدِهما صارَ نِصْفُه حُرًّا. على الرِّوايَةِ التى تقولُ: [إِنَّ العِتْقَ يحْصُلُ بشاهِدٍ ويَمينٍ. وإِنْ لَمْ يَحْلِفْ مع واحِدٍ مِنهما، لم يَعْتِقْ منه شَىْءٌ؛ لِأَنَّ] (٣) العِتْقَ لا يحصُلُ بشاهِدٍ مِنْ غيرِ يَمِينٍ. بلا خِلافٍ نعلَمُهُ. وإِن كان أحدُهما عَدْلًا دونَ الآخَرِ، فله أن يَحْلِفَ مع شهادَةِ العَدْلِ، ويَصيرُ نِصْفُه حُرًّا، ويَبْقَى نِصْفُه الآخَرُ رَقيقًا.

فصل: ومَن قال بالاسْتِسْعاءِ، فقد اعْترفَ بأنَّ نصيبَه قد (٤) خَرَجَ عن يدِهِ، فيَخْرُجُ العَبْدُ كُلُّه، ويُسْتَسْعَى فى قِيمَتِهِ؛ لِاعْتِرافِ (٥) كُلِّ واحِدٍ منهما بذلك فى نَصِيبِهِ.

فصل: وإِن اشْتَرَى أحدُهما نَصيبَ صاحِبِه، عَتَقَ عليه، ولم يَسْرِ إلى النِّصْفِ الذى كان له؛ لأَنَّ عِتْقَهُ حَصَلَ باعْتِرافِهِ بحُرِّيَّتِهِ بإعْتاقِ شَرِيكِهِ، ولا يَثْبُتُ له عليه وَلَاءٌ؛ لأَنَّه لا يَدَّعِى إِعْتاقَهُ، بل يَعْتَرِفُ بأنَّ المُعْتِقَ غيرُه، وإِنَّما هو مُخَلِّصٌ له مِمَّن يَسْترِقُّه (٦) ظُلْمًا، فهو كمُخَلِّصِ الأسيرِ مِنْ أيْدِى الكُفَّارِ. وقال أبو الخَطَّاب: يَسْرِى؛ لِأَنَّه شِرَاءٌ حصَلَ به الإِعْتاقُ (٧)، فأشْبَهَ شِراءَ بعضِ وَلَدِهِ. وإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فى شَهادَتِهِ على شَرِيكِهِ، لِيَسْتَرِقَّ ما اشْتراهُ، لم يُقْبَل منه؛ لأَنَّهُ رُجُوعٌ عن الإِقْرارِ بالْحُرِّيَّةِ، فلم يُقْبَلْ، كما لو أقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِه، ثم أكْذَبَ نَفْسَه. وهل يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عليه إِنْ أعْتَقَهُ؟ يَحْتَمِلُ أن لا يَثْبُتَ؛ لِمَا ذَكَرْنا. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ؛ لِأَنَّنا نَعْلَمُ أَنَّ على الْعَبْدِ وَلاءً (٨)، وَلا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ سِوَاهُ،


(٢) سقط من: ب.
(٣) سقط من: أ. نقل نظر.
(٤) سقط من: أ.
(٥) فى الأصل: "باعتراف".
(٦) فى الأصل، أ: "يشتريه".
(٧) فى الأصل: "العتاق".
(٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>