للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْتَحَبَّ له الدُّخُولُ، وإن كان في غيرِ وَقْتِ نَهْيٍ اسْتُحِبَّ له الدُّخُولُ والصَّلاةُ (١٤) معهم، وإن دَخَلَ وصَلَّى معهم فلا بَأْسَ؛ لما ذَكَرْنَا من خَبَرِ أبى موسى. ولا يُسْتَحَبُّ؛ لما رَوَى مُجَاهِدٌ، قال: خَرَجْتُ مع ابْنِ عمرَ من دارِ عَبْدِ اللهِ بن خَالِدِ بن أُسَيْدٍ حتى إذا نَظَرَ إلى بابِ المَسْجِدِ إذا النَّاسُ في الصَّلاةِ، فلم يَزَلْ واقِفًا حتى صَلَّى النَّاسُ، وقال: إنِّي صَلَّيْتُ في البَيْتِ. (١٥)

فصل: إذا أعادَ الصَّلاةَ فالأُوْلَى فَرْضُه. رُوِىَ ذلك عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، وبه قال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وإسْحَاقُ، والشَّافِعِىُّ في الجَدِيد. وعن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، وعَطَاءٍ، والشَّعْبِىِّ، التي صَلَّى معهم المَكْتُوَبةُ؛ لما رُوِىَ فِى حديثِ يَزِيدَ ابن الأسْوَدِ (١٦)، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا جِئْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَوَجَدْتَ النَّاسَ فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَإنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ تَكُنْ لَكَ نافِلَةً، وهذِهِ مَكْتُوبةً". ولَنا، قَوْلُه في الحديثِ الصَّحِيحِ: "تَكُنْ لَكُما نَافِلَةً" (١٧). وقولُه في حَدِيثِ أبِى ذَرٍّ: "فإنَّها لَكَ نَافِلَةٌ" (١٨). ولأنَّ الأُولَى قد وَقَعَتْ فَرِيضَةً، وأسْقَطَتِ الفَرْضَ، بدليلِ أنَّها لا تَجِبُ ثانِيًا؛ وإذا بَرِئَتِ الذِّمَّةُ بالأُولَى اسْتَحَالَ كَوْنُ الثّانيةِ فَرِيضَةً، وجَعْلُ الأُولَى نافِلَةً. قال حَمَّادٌ، قال إبراهيمُ: إذا نَوَى الرَّجُلُ صَلَاةً وكتَبَتْها المَلائِكَةُ فمن يَسْتَطِيعُ أنْ يُحَوِّلَها! فما صَلَّى بعدَها فهو تَطوُّعٌ. وحَدِيثُهم لا تَصْرِيحَ فيه، فيَجِبُ أن يُحْمَلَ مَعْناه على ما في الأحَادِيثِ الباقيةِ سَوَاء. فعلى هذا لا يَنْوِي الثانيةَ فَرْضا، لكن يَنْوِيهَا ظُهْرًا مُعَادَةً، وإن نَوَاهَا نافِلَةً صَحَّ.


(١٤) في م: "في الصلاة".
(١٥) في م زيادة: "رواه الإمام أحمد في المسند". ولم نجده في مسند ابن عمر.
(١٦) هو يزيد بن عامر بن الأسود. انظر تحفة الأشراف ٩/ ١٠٨. والحديث بهذا اللفظ أخرجه أبو داود، في: باب في من صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلى معهم. سنن أبي داود ١/ ١٣٦.
(١٧) تقدم في صفحة ٥٢٠.
(١٨) تفدم في صفحة ٥٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>