للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الشَّفَقُ الحُمْرَةُ، فإذَا غَابَ الشَّفَقُ وَجَبَت العِشَاءُ". رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (٨). وما رَوَوْهُ لا حُجَّةَ لهم فيه، فقد كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُؤَخِّرُ الصلاةَ عن أَوَّلِ الوقتِ قَلِيلًا، وهو الأفضَلُ والأوْلَى، ولهذا رُوِىَ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال لِبلَالٍ: "اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وإقَامَتِكَ قَدْرَ ما يَفْرُغُ الآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ، والمُتَوَضِّىءُ مِنْ وُضُوئِهِ، والمُعْتَصِرُ إذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ" (٩). إذا ثَبَتَ هذا، فإنه إن كان في مكانٍ يَظْهَرُ له الأُفُقُ، ويَبِينُ له مَغِيبُ الشَّفَقِ، فمتى ذهبت الحُمْرَةُ وغابت، دخل وقتُ العِشَاءِ، وإن كان في مكانٍ يَسْتَتِرُ عنه الأُفُقُ بِالجُدْرَانِ والجِبالِ، اسْتَظْهَرَ حتَّى يغيبَ البَياضُ، لِيَسْتَدِلَّ بِغَيْبَتِه على مَغِيبِ الحُمْرَةِ، فيَعْتِبرُ غَيْبَةَ البَيَاضِ، لِدَلَالَتِهِ على مَغِيبِ الحُمْرَةِ، لا لنفسِهِ.

١١٦ - مسألة؛ قال: (فإذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ذَهَبَ وَقْتُ (١) الاخْتِيَارِ، وَوَقْتُ الضَّرُورَةِ مُبْقًى إلَى أنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ الثَّانِى، وَهُوَ البَيَاضُ الَّذِى يَبْدُو (٢) مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، فَيَنْتَشِرُ، وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ).

اخْتَلَفَت الرِّوَايةُ فِي آخِرِ الاخْتِيَارِ، فَرُوِىَ عن أحمد: أنه ثُلُثُ اللَّيْلِ، نَصَّ عليه أحمدُ، في روَايَةِ الجماعةِ، وهو قولُ عمرَ بن الخَطَّابِ رضي اللهُ عنه، وأبِى هُرَيْرَة، وعُمَرَ بن عبد العَزِيزِ، ومالكٍ؛ لأنَّ في حديثِ جِبْرِيلَ، أَنَّه صَلَّى بِالنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المَرَّةِ الثَّانِيةِ ثُلُثَ اللَّيْلِ، وقال: "الوَقْتُ فيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ" (٣). وفى حديث بُرَيْدة، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّاهَا في اليَوْمِ الثَّانِى ثُلُثَ اللَّيْلِ (٤). وعن عائشةَ


(٨) في: باب صفة المغرب والصبح، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٢٦٩.
(٩) أخرجه الترمذي، عن جابر بن عبد اللَّه، في: باب ما جاء في الترسل في الأذان، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٣١٢. والإمام أحمد، عن أبيّ بن كعب، في: المسند ٥/ ١٤٣.
(١) سقط من: م.
(٢) في م: "يرى".
(٣) تقدم الحديث في صفحة ٩.
(٤) تقدم الحديث في صفحة ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>