للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: فإنْ قال: أنتِ عندِى، أو منِّى، أو مَعِى، كظَهْرِ أمِّى. كان ظهارًا بمنزلة علىَّ؛ لأنَّ هذه الألفاظَ فى معناه. وإن قال: جُمْلتُكِ، [أو بدنُكِ] (١٥) أو جسمُكِ، أو ذاتُكِ، أو كُلُّكِ علىَّ كظهرِ أمِّى. كان ظهارًا؛ لأنَّه أشارَ إليها. فهو كقوله: أنتِ. وإن قال: أنتِ كظَهْرِ أمِّى. كان ظهارًا؛ لأنَّه أتَى بما يقْتضىِ تحْريمَها عليه فانْصَرَفَ الحُكْمُ إليه، كما لو قال: أنتِ طالِقٌ. وقال بعضُ الشَّافِعِيَّةِ: ليس بِظهارٍ؛ لأنَّه فيه ما يدلُّ على أَنَّ ذلك فى حقِّه. وليس بصحيحٍ، فإنَّها إذا كانت كظهرِ أُمِّه، [فظهرُ أمِّه] (١٥) مُحَرَّمٌ عليه.

فصل: وإن قال: أنتِ علىَّ كأُمِّى. أو: مِثْلُ أُمِّى. ونَوَى به الظِّهارَ، فهو ظِهارٌ، فى قولِ عامَّةِ العلماءِ؛ منهم أبو حَنِيفَةَ، وصاحباه، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ. وإن نَوَى به الكَرامةَ والتَّوقيرَ، أو أنَّها مثلُها فى الكِبَرِ، أو الصِّفةِ، فليس بظهارٍ. والقَوْلُ قولُه فى نِيَّتِهِ. وإن أطلقَ، فقال أبو بكرٍ: هو صريحٌ فى الظِّهارِ. وهو قولُ مالكٍ، ومحمَّدِ ابنِ الحسنِ. وقال ابن أبى موسى: فيه روايتانِ، أظْهَرُهما أنَّه ليس بظهارٍ حتَّى يَنْوِيَه. وهذا قولُ أبى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ هذا اللَّفْظَ يُسْتَعْمَلُ فى الكَرامةِ أكثرَ مِمَّا يُستعملُ فى التَّحريمِ، فلم ينْصِرِفْ إليه بغير نِيَّةٍ، ككِناياتِ الطَّلاقِ. ووجهُ الأوَّلِ أنَّه شَبَّهَ امرأتُه بِجُمْلَةِ أمِّه، فكان مُشَبِّهًا لها بظهرِها، فيَثْبُتُ الظِّهارُ كما لو شَبَّهَها به مُنْفرِدًا. والذى يصحُّ عندى فى (١٦) قِياسِ المذهبِ، أنَّه إنْ وُجِدَتْ قَرِينةٌ تدلُّ على الظِّهارِ، مثلَ أَنْ يُخْرِجَه مَخْرَجَ الحَلِفِ، فيقولُ: إنْ فعلتِ كذا فأنتِ علىَّ مثلُ أمِّى. أو قال ذلك حالَ الخُصُومَةِ والغضَبِ، فهو ظهارٌ؛ لأنَّه إذا أخْرَجَه (١٧) مَخْرَجَ الحَلِفِ، فالحلفُ يرادُ للامْتناعِ من شىءٍ، أو الحَثِّ عليه، وإنَّما يَحْصُلُ ذلك بتَحْرِيمِها عليه، ولأنَّ كونَها مثلُ أُمِّه فى صفتِها


(١٥) سقط من: الأصل.
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) فى م: "خرج".

<<  <  ج: ص:  >  >>