للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتَضَتِ الجَزاءَ على (٨) العائِدِ بِعُمُومِها. وذِكْرُ العُقُوبَةِ في الباقى (٩)، لا يَمْنَعُ الوُجُوبَ، كما قال اللهُ تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١٠). وقد ثَبَتَ أنَّ العائِدَ لو انْتَهَى كان له ما سَلَفَ، وأمْرُهُ إلى اللهِ. ولا يَصِحُّ قِياسُ جَزاءِ الصَّيْدِ على غيرِه؛ لأنَّ جَزاءَهُ مُقَدَّرٌ به، ويَخْتَلِفُ بِصِغَرِهِ وكِبَرِه، ولو أتْلَفَ صَيْدَيْنِ معًا وَجَبَ جَزَاؤُهما، فكذلك إذا تَفَرَّقَا، بِخِلافِ غيرِه من المَحْظُورَاتِ.

فصل: ويجوزُ إخْرَاجُ جَزاءِ الصَّيْدِ بعدَ جَرْحِه وقبلَ مَوْتِه. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّها كَفَّارَةُ قَتْلٍ (١١)، فجازَ تَقْدِيمُها على المَوْتِ، ككَفَّارَةِ قَتْلِ الآدَمِىِّ (١٢)، ولأنَّها كَفَّارَةٌ، فأشْبَهَتْ كَفَّارَةَ الظِّهارِ واليَمِينِ.

٦٨٩ - مسألة؛ قال: (وَلَوِ اشْتَرَك جَمَاعَةٌ فِى قَتْلِ صَيْدٍ، فَعَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ)

يُرْوَى عن أحمدَ في هذه المسألةِ أيضًا (١) ثلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهنَّ، أنَّ الواجِبَ جَزاءٌ واحِدٌ. وهو الصَّحِيحُ. ويُرْوَى هذا عن عمرَ بن الخَطَّابِ، وابنِ عَبّاسٍ، وابنِ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنهم. وبه قال عَطاءٌ، والزُّهْرِيُّ، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وإسحاقُ. والثانيةُ، على كُلِّ واحِدٍ جَزاءٌ. رَوَاها (٢) ابنُ أبى موسى. واخْتَارَهَا أبو بكرٍ. وبه قال مالكٌ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ. ويُرْوَى عن الحسنِ؛ لأنَّها كَفَّارَةُ قَتْلٍ يَدْخُلُها الصَّوْمُ، أشْبَهَتْ كفَّارَةَ قَتْلِ الآدَمِىِّ. والثالثةُ، إن كان


(٨) في الأصل: "ع ".
(٩) في أ، ب، م: "الثاني".
(١٠) سورة البقرة ٢٧٥.
(١١) في ب، م: "ولأن".
(١٢) فيما إذا جرحه خطأ وتأخر موته، فإنه يجوز إخراج كفارة القتل حينئذ قبل موت الجريح.
(١) سقط من: ب، م.
(٢) في ب، م: "رواهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>