للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه حُكْمٌ يتجَزَّأ، يخْتلِفُ بالرِّقِّ والحُرِّيَّةِ، فيُقْسَمُ على قَدْرِ ما فيه، كالإِرْثِ.

فصل: ولا جِزْيَةَ على أهلِ الصَّوامِعِ من الرُّهْبانِ. ويَحْتَمِلُ وُجوبَها عليهم. وهذا أحدُ قَوْلَىِ الشافِعِىّ. ورُوِىَ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، أنَّه فرَضَ على رُهْبانِ الدِّياراتِ الجِزْيَةَ على كُلِّ راهِبٍ دينارَيْن (٨). وَوَجْهُ ذلك عمومُ النُّصوصِ، ولأنَّه كافرٌ صحيحٌ قادرٌ على أداءِ الجِزْيَةِ، فأَشْبَهَ الشَّمَّاسَ (٩). ووَجْهُ الأوّلِ، أنَّهم مَحْقُونون بدُونِ الجِزْيَةِ، فلم تجِبْ عليهم، كالنِّساء، وقد ذكرْنا أنَّه يحْرُمُ قَتْلُهم (١٠)، والنُّصوصُ مخصوصَةٌ بالنِّساءِ، وهؤلاء فى مَعْناهُنَّ، ولأَنَّه لا كَسْبَ له، فأشْبَهَ الفقيرَ غيرَ المُعْتَمِلِ.

١٦٩٤ - مسألة؛ قال: (ومَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجِزيةُ، فَأسْلَمَ قَبْلَ أَنْ تُؤْخذَ مِنْهُ، سَقَطَتْ عَنْهُ الْجِزيةُ)

وجُمْلَتُه أن الذِّمِّىَّ إذا أسْلَمَ فى أثناءِ الحَوْلِ، لم تجِبْ عليه الجِزْيَةُ، وإِنْ أسْلَمَ بعدَ الحَوْلِ سقَطَتْ عنه. وهذا قولُ مالك، والثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال الشافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِر: إنْ أسْلَمَ بعد الحَوْلِ، لم تسقُطْ؛ لأنَّه (١) دَيْنٌ يسْتحِقُّه (٢) صاحبُه، واسْتَحَقَّ المُطالَبَةَ به فى حالِ الكُفْرِ، فلمْ يَسْقُطْ بالإِسلامِ، كالخراجِ وسائرِ الدُّيُونِ. وللشافِعِىِّ فيما إذا أسْلم فى أثناءِ الحولِ قَوْلان؛ أحدُهما، عليه من الجِزْيَةِ بالقِسْطِ، كما لو أفاقَ بعضَ (٣) الحَوْلِ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (٤). ورَوَى ابنُ عباسٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ جِزْيَةٌ". رَواه الخَلَّالُ (٥). وذكَرَ أَنَّ أحمَد سُئِلَ عنه، فقال:


(٨) ذكره أبو عبيد، فى: باب فرض الجزية. . .، من كتاب سنن الفىء والخمس والصدقة. . . الأموال ٤٢.
(٩) الشماس: من يقوم بالخدمة الكنسية، وهو دون القسيس.
(١٠) فى صفحة ١٧٨.
(١) فى ب، م: "لأنها".
(٢) فى أ: "استحقه".
(٣) فى م: "بعدل".
(٤) سورة الأنفال ٣٨.
(٥) وأخرجه أبو داود، فى: باب فى الذمى يُسلم فى بعض السنة. . .، من كتاب الخراج والفىء والإمارة. سنن أبى داود =

<<  <  ج: ص:  >  >>