للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ من إصْلَاحِ الرَّهْنِ، ودَفْعِ الفَسَادِ عنه، ومُدَاوَاتِه إن احْتَاجَ إليها، فإذا كان الرَّهْنُ مَاشِيَةً فاحْتَاجَتْ إلى إطْرَاقِ الفَحْلِ، فَلِلرَّاهِنِ ذلك؛ لأنَّ فيه مَصْلَحَةً لِلرَّهْنِ، وزِيادَتَهُ، وذلك زِيَادَةٌ فى حَقِّ المُرْتَهِنِ من غير ضَرَرٍ، وإن كانت فُحُولًا لم يَكُنْ لِلرَّاهِنِ إطْرَاقُها بغيرِ رِضَى المُرْتَهِنِ؛ لأنَّه انْتِفَاعٌ لا مَصْلَحَةَ لِلرَّهْنِ فيه، فهو كالاسْتِخْدَامِ، إلَّا أن يَصِيرَ إلى حالٍ يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ الإِطْرَاقِ، فيجوزُ؛ لأنَّه كالمُدَاوَاةِ له.

٧٩٦ - مسألة؛ قال: (ومُؤْنَةُ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وإنْ كَانَ عَبْدًا فمَاتَ، فَعَلَيْهِ كَفَنُه، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُخْزَنُ، فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَخْزَنِهِ)

وجملتُه أنَّ مُؤْنَةَ الرَّهْنِ فى (١) طَعَامِه، وكُسْوَتِه، ومَسْكَنِه، وحَافِظِه، وحَرْزِه، ومَخْزَنِه، وغيرِ ذلك على الرَّاهِنِ. وبهذا قال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، والعَنْبَرِىُّ، وإسحاقُ. وقال أبو حنيفةَ: أجْرُ المَسْكَنِ والحافِظِ على المُرْتَهِنِ؛ لأنَّه مِن مُؤْنَةِ إمْسَاكِه وارْتهَانِه. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرَّهْنُ من رَاهِنِه له غُنْمُه وعليه غُرْمُه" (٢). ولأنَّه نَوْعُ إنْفَاقٍ، فكان على الرَّاهِنِ، كالطَّعَامِ، ولأنَّ الرَّهْنَ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ، فكان عليه مَسْكَنُه وحَافِظُه، كغيرِ الرَّهْنِ. وإن أَبَقَ العَبْدُ فأَجْرُ (٣) من يَرُدُّه على الرَّاهِنِ. وقال أبو حنيفةَ: يكونُ بِقَدْرِ الأَمَانَةِ على الرَّاهِنِ، وبِقَدْرِ الضَّمَانِ على المُرْتَهِنِ. وإن احْتِيجَ إلى مُدَاوَاتِه لِمَرَضٍ أو جُرْحٍ فذلك على الرَّاهِنِ. وعند أبى حنيفةَ، هو كأَجْرِ من يَرُدُّه من إبَاقِه. وبَنَى ذلك على أصْلِه فى أنَّ يَدَ المُرْتَهِنِ يَدُ ضَمَانٍ، بِقَدْرِ دَيْنِه فيه، وما زَادَ فهو أمَانَةٌ عندَه. والكلامُ على ذلك فى غير هذا المَوْضِعِ. وإن مَاتَ العَبْدُ كانت مُؤْنَتُه، كتَجْهِيزِه،


(١) فى م: "من".
(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٥١١.
(٣) فى م: "فأجرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>