للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع: أنَّه إذا وَطِئ إحداهما، فليس له وَطْءُ الأُخْرَى قبلَ تَحْريمِ المَوْطوءةِ على نَفْسِه، بإخْراجٍ عن مِلْكِه أو تَزْويجٍ. هذا قولُ علىٍّ، وابنِ عمرَ، والحسنِ، والأَوْزَاعِىِّ، وإسحاقَ، والشافعىِّ. فإنَّ رَهَنَها، لم تَحِلَّ له أُخْتُها؛ لأنَّ مَنْعَه من وَطْئِها لِحَقِّ المُرْتَهِنِ لا لِتَحْرِيمها، ولهذا يَحِلُّ له بإِذْنِ المُرْتَهنِ فى وَطْئِها، ولأنَّه يَقْدِرُ على فَكِّها متى شاء واسْتِرْجاعِها إليه. وقال قتادةُ: إن اسْتَبْرَأها، حَلَّتْ له أُخْتُها؛ لأنَّه قد زالَ (١٠) فِرَاشُه، ولهذا لو أتَتْ بوَلَدٍ، فنَفَاه بِدَعْوَى الاسْتِبْراءِ انتفَى، فأشْبَهَ ما لو زَوَّجَها. ولَنا، قولُ علىٍّ، وابنِ عمرَ، ولأنَّه لم يَزُلْ مِلْكُه عنها، ولا حِلُّها له، فأشْبَهَ ما لو وُطِئَتْ بشُبْهةٍ فاسْتَبْرأها من ذلك الوَطْءِ، ولأنَّ ذلك لا يَمْنَعُه وَطْأها، فلا يَأْمَنُ عَوْدَه إليها، فيكونُ ذلك ذَرِيعةً إلى الجَمْعِ بينهما. وإن حَرَّمَ إحداهما على نَفْسِه، لم تُبَحِ الأُخْرَى؛ لأنَّ هذا لا يُحَرِّمُها، إنَّما هو يَمِينٌ يُكَفّرُ، ولو كان يُحَرِّمُها إلَّا أنَّه لِعَارِضٍ (١١)، متى شاء أزَالَه بالكَفَّارةِ، فهو كالحَيْضِ والنِّفَاس والإحْرامِ والصِّيامِ. وإن كاتَبَ إحداهما، فظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ أنَّه لا تَحِلُّ له الأُخْرَى. وقال أصحابُ الشافعىِّ: تَحِلُّ له الأُخْرَى؛ لأنَّها حُرِّمَتْ عليه بسَبَبٍ لا يَقْدِرُ على رَفْعِه، فأشْبَهَ التَّزْوِيجَ. ولَنا، أنَّه بسَبِيلٍ من اسْتِباحَتِها بما لا يَقِفُ على غيرِهما، فلم تُبَحْ له أُخْتُها، كالمَرْهُونةِ.

الفصل الخامس: أنَّه إذا أخْرَجَها من مِلْكِه، لم تَحِلَّ له أخْتُها، حتَّى يَسْتَبْرِئَ المُخْرَجةَ، ويعلمَ براءَتَها من الحَمْلِ. ومتى كانت حامِلًا منه، لم تَحِلَّ له أُخْتُها حتَّى تَضَعَ حَمْلَها؛ لأنَّه يكونُ جامِعًا ماءَه فى رَحِمِ أُخْتَيْنِ، بمنْزِلةِ نِكاحِ الأُخْتِ فى عِدَّةِ أُخْتِها.

فصل: فإن وَطِئَ أَمَتَيْه الأُخْتَيْنِ معًا، فوَطْءُ الثانيةِ مُحَرَّمٌ، ولا حَدَّ فيه؛ لأنَّ وَطْأَهُ


(١٠) فى أ: "أزال".
(١١) فى أ: "بعارض".

<<  <  ج: ص:  >  >>