للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه تعالى: {تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} (١٦). وإنَّما يُدْفَعُ إلى الكبيرةِ، أو نَحْمِلُها على بنتِ تِسْعٍ.

فصل: وإذا بَلَغتِ الجاريةُ تِسْعَ سِنِينَ، ففيها روايتان؛ إحْداهما، أنَّها كمَن لم تَبْلُغْ تِسْعًا، نَصَّ عليه فى رِوايةِ الأَثْرَمِ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، وأبى حنيفةَ، وسائرِ الفُقَهاءِ. قالوا: حُكْمُ بِنْتِ تِسْع سِنِينَ (١٧)، حُكْمُ بنتِ ثَمانٍ؛ لأنَّها غيرُ بالغةٍ، ولأنَّ إذْنَها لا يُعْتَبرُ فى سائرِ التَّصَرُّفاتِ (١٨)، فكذلك فى النِّكاحِ. والرِّواية الثانية، حُكْمُها حكمُ البالغةِ. نَصَّ عليه فى رِوايةِ ابن مَنْصورٍ؛ لمَفْهُوم الآية، ودَلالةِ الخَبَرَيْن (١٩) بعُمُومِهما، على أن اليَتِيمةَ تُنْكَحُ بإذْنِها، وإن أبَتْ فلا جَوازَ عليها، وقد انْتَفَى (٢٠) به الإذْنُ فى مَن دُونَها، فيَجِبُ حَمْلُه على مَنْ بَلَغتْ تِسْعًا. وقد رَوَى الإمامُ أحمدُ (٢١)، بإسْنادِه عن عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، أنها قالتْ: إذا بَلَغتِ الجاريةُ تِسْعَ سِنِينَ فهى امْرأةٌ. ورَواه القاضى، بإسْنادِه عن ابن عمرَ، عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ومَعْناه (٢٢): فى حُكْمِ المرأةِ. ولأنَّها بَلَغتْ سِنًّا يُمْكِنُ فيه حَيْضُها، ويَحْدُثُ لها حاجةٌ إلى النِّكاحِ، فيُباحُ تَزْوِيجُها كالبالغةِ. فعلى هذا إذا زُوِّجَتْ ثم بَلَغتْ، لم يَكُنْ لها خيارٌ، كالبالغةِ إذا زُوِّجَتْ. وقد خَطَبَ عمرُ، رَضِىَ اللَّه عنه، أُمَّ كُلثُومٍ ابْنةَ أبى بكرٍ بعدَ مَوْتِه إلى عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، فأجابَتْه، وهى لِدُونِ عَشْر؛ لأنَّها إنما وُلِدَتْ بعد مَوْتِ أبِيها، وإنَّما كانت وِلايةُ عمرَ عَشْرًا، فكَرِهَتْه الجاريةُ، فتزَوَّجَها طَلْحةُ بن عُبَيْدِ


(١٦) سورة النساء ١٢٧.
(١٧) سقط من: ب.
(١٨) فى الأصل: "الصفات".
(١٩) فى م: "الخبر".
(٢٠) سقط من: الأصل، أ.
(٢١) أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى إكراه اليتيمة على التزويج، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٩. ولعل الإمام أحمد رواه فى غير المسند.
(٢٢) فى م: "بمعناه".

<<  <  ج: ص:  >  >>