للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى مَصْلَحَتِهم، فاسْتَحَقَّ سهْمًا منِ غنيمَتِهم، كالسَّرِيَّةِ مع الجيشِ، والجيشِ مع السَّرِيَّةِ

فصل: وسُئِلَ أحمد عن قَوْمٍ خَلَّفَهم الأميرُ فى بلادِ العَدُوِّ، وغَزَا، وغَنِمَ، ولم يَمُرَّ بهم، فرجَعُوا، هلْ يُسْهِمُ لهم؟ قال: نَعَمْ يُسْهِمُ لهم، لأنَّ الأميرَ خلَّفهم. قيل له: فإنْ نَادَى الأميرُ: مَنْ كان ضَعِيفًا فليتَخَلَّفْ. فتَخَلَّفَ قومٌ فصارُوا إلى لُؤْلُؤةٍ، وفيها المسلمون، فأقامُوا حَتَّى فَصَلُوا، فقال: إذا كانُوا قد الْتَجأُوا إلى مَأْمَنٍ لهم، لم يُسْهِمْ لهم، ولو تَخَلَّفُوا وأقامُوا فى مَوْضعِ خَوْفٍ، أَسْهَمَ لهم. وقال فى قومٍ خَلَّفهم الأميرُ، وأغارَ فى جَلْدِ الخيلِ، فقال: إنْ أقامُوا فى بلدِ العَدُوِّ حتَّى رجَعَ، أَسْهَمَ لهم، وإنْ رَجَعُوا حتَّى صارُوا إلى مَأْمَنِهم، فلا شىءَ لهم. قيل له: فإن اعتلَّ رجلٌ، أو اعتلَّت دابَّتُه وقد أدْرَبَ، فقال له الأميرُ: أَقِمْ أُسْهِمْ لك، أو انْصَرِفْ إلى أهلِك أُسْهِمْ لك. فكرِهَه، وقال: هذا ينْصَرفُ إلى أهلِه، فكيفَ يُسْهِمُ له!

فصل: يجوزُ قِسْمةُ (٤) الغَنائِم فى دارِ الحَرْبِ. وبهذا قال مالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، والشافِعِىُّ، وابنُ المُنْذِر، وأبو ثَوْرٍ. وقالَ أصحابُ الرَّأْىِ: لا تُقْسَمُ (٥) إلَّا فى دارِ الإِسلامِ، لأنَّ المِلْكَ لَا (٦) يتمُّ عليها إلَّا بالاسْتِيلاءِ التَّامِّ، ولا يحْصُلُ إلَّا بإحْرازِها فى دارِ الإِسلامِ. وإنْ قُسِمَتْ أساءَ قاسِمُها، وجازَت قِسْمَتُه؛ لأنَّها مسألةٌ مُجْتَهدٌ فيها، فإذا حكم الإِمامُ فيها بما يُوافِقُ قولَ بعضِ المُجْتهِدين، نفَذَ حُكْمُه. ولَنا، ما رَوَى أبو إسحاقَ الْفَزارِىُّ، قال، : قُلْتُ للأَوزاعِىِّ: هل قسَم رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا من الغَنائمِ بالمدينةِ؟ قال: لا أعْلَمُه (٧)، إنَّما كانَ (٨) الناسُ يتْبَعُون غنائمِهم، ويَقْسِمُونها فى أرْضِ عَدُوِّهم، ولم يَقْفُلْ رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن غَزاةٍ قَطُّ أصابَ فيها غَنيمةً إلَّا خَمَّسَه وقَسَمَه من قبلِ أنْ يقْفُلَ، من ذلك غَزْوَةُ بنى المُصْطَلِقِ، وهَوازِنَ، وخَيْبَرَ. ولأنَّ كلَّ دارٍ صحَّت القِسْمَةُ فيها


= فضائل الصحابة، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٤/ ١٠٨، ٥/ ١٨، ١٢٦.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب مناقب عثمان بن عفان، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ١٦٠، ١٦١. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١٠١، ١٢٠.
(٤) فى م: "قسم".
(٥) فى م: "تنقسم".
(٦) فى أ، ب: "لم".
(٧) فى أ: "أعلم".
(٨) فى أ: "كانت".

<<  <  ج: ص:  >  >>