للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى بُيُوتِهِنَّ، ولم يَأْذَنْ لهنَّ فى المسجدِ. وأمَّا الصلاةُ فلا يَصِحُّ اعْتِبَارُ الاعْتِكافِ بها، فإنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ فى بَيْتِه أفْضَلُ، ولا يَصِحُّ اعْتِكافُه فيه.

فصل: ومَن سَقَطَتْ عنه الجماعَةُ من الرِّجالِ، كالمَرِيضِ إذا أحَبَّ أن يَعْتَكِفَ فى مسجدٍ لا تُقامُ فيه الجَمَاعَةُ، يَنْبَغِى أن يجوزَ له ذلك؛ لأنَّ الجماعةَ ساقِطَةٌ عنه، فأشْبَهَ المَرْأَةَ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ له ذلك؛ لأنَّه من أهْلِ الجماعةِ، فأشْبَهَ مَن تَجِبُ عليه، ولأنَّه إذا الْتَزَمَ الاعْتِكافَ، وكلَّفه نَفْسَهُ، فيَنْبَغِى أن يَجْعَلَهُ فى مَكَانٍ تُصَلَّى فيه الجماعةُ. ولأنَّ مَن الْتَزَمَ ما لا يَلْزَمُه، لا يَصِحُّ [إلَّا بشَرْطِه] (١٥)، كَالمُتَطَوِّعِ بِالصَّوْمِ والصلاةِ.

فصل: وإذا اعْتَكَفَتِ المَرْأَةُ فى المسجدِ، اسْتُحِبَّ لها أن تَسْتَتِرَ بِشىءٍ؛ لأنَّ أزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أرَدْنَ الاعْتِكافَ أمَرْنَ بِأبْنِيَتِهِنَّ فَضُرِبْنَ فى المسجدِ، ولأنَّ المسجدَ يَحْضُرُهُ الرِّجالُ، وخَيْرٌ لهم ولِلنِّساءِ أن لا يَرَوْنَهُنَّ ولا يَرَيْنَهُم. وإذا ضَرَبَتْ بِناءً جَعَلَتْهُ فى مكانٍ لا يُصَلِّى فيه الرِّجالُ، لِئَلَّا تَقْطَعَ صُفُوفَهم، ويُضَيَّقَ عليهم. ولا بَأْسَ أن يَسْتَتِرَ الرَّجُلُ أيضًا؛ فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ بِبِنَائِه فضُرِبَ، ولأنَّه أسْتَرُ له، وأخْفَى لِعَمَلِه. ورَوَى ابنُ مَاجَه (١٦)، عن أبي سعيدٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْتَكَفَ فى قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، على سُدَّتِهَا (١٧) قِطْعَةُ حَصِيرٍ. قال: فأخَذَ الحَصِيرَ بِيَدِه، فنَحَّاهَا فى نَاحِيَةِ القِبْلَةِ، ثمَّ أطْلَعَ رَأْسَهُ، فكَلَّمَ النَّاسَ. واللهُ أعلمُ.

٥٢٩ - مسألة؛ قال: (ولَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، أوْ صَلَاةِ الجُمُعَةِ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المُعْتَكِفَ ليس له الخُرُوجُ مِن مُعْتَكَفِه، إلَّا لما لا بُدَّ له منه،


(١٥) فى أ، ب، م: "بدون شروطه".
(١٦) فى: باب الاعتكاف فى خيمة المسجد، من كتاب الصِّيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٦٤.
كما أخرجه مسلم، فى: باب فضل لَيْلَة القدر. . .، من كتاب الصِّيام. صحيح مسلم ٢/ ٨٢٥.
(١٧) السدة: باب الدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>