للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومُفارَقةٌ. وقال: أردتُ التَّوْكيدَ. احْتَمَلَ أن يُقْبَلَ منه؛ لأنَّ اللَّفْظَ المُختَلِفَ يُعطَفُ بعضُه على بعضٍ توكيدًا، كقوله (٢٣):

* فَألْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا ومَيْنَا *

ويَحْتمِلُ أن لا يُقْبَلَ؛ لأنَّ الواوَ تَقْتضِى المُغايَرةَ، فأشْبَهَ ما لو كان بلفظٍ واحدٍ.

١٢٧٦ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَ لِغيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ. لَزِمَهُ الثَّلَاثُ؛ لِأنَّهُ نَسَقٌ، وَهُوَ مِثْلُ قَولِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا)

وبهذا قال مالكٌ، والأوْزاعِىُّ، واللَّيثُ، ورَبيعةُ، وابنُ أبى لَيْلَى. وحُكِىَ عن الشَّافعىِّ فى القديمِ ما يَدُلُّ عليه. وقال الثَّورىُّ، ؤابو حنيفةَ، والشَّافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ: لا يَقَعُ إلَّا واحدةٌ؛ لأنَّه أوْقعَ الأُولَى قبلَ الثانيةِ، فلم يَقَعْ عليها شىءٌ آخَرُ، كما لو فرَّقَها. ولَنا، أَنَّ الواوَ تَقْتضِى الجَمْعَ، ولا تَرْتيبَ فيها، فيكونُ مُوقِعًا للثَّلاثِ جميعًا، فيَقَعْنَ عليها، كقولِه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا. أو: طلقةً معها طَلْقتانِ. ويُفارِقُ ما إذا فرَّقَها، فإنَّها لا تَقعُ جميعًا، وكذلك إذا عطَفَ بعضَها على بَعْضٍ بحَرْفٍ يَقْتضِى التَّرْتيبَ، فإِنَّ الأُولَى تقعُ قبلَ الثَّانيةِ بمُقْتضَى إيقاعِه، وههُنا لا تَقَعُ الأولَى حينَ نُطْقِه بها حتى يَتِمَّ كلامُه، بدليلِ أنَّه لو (٢٤) ألْحقَه اسْتِثْناءً، أو شَرْطًا، أو صِفَةً، لَحِقَ به، [ولم تَقَع الأُوَلى] (٢٥) مُطْلَقًا، ولو كان يقعُ حين نُطْقِه (٢٦)، لم يَلْحَقْه شىءٌ من ذلك، وإذا ثَبَتَ أنَّه يَقِفُ وُقوعُه على تَمامِ الكلامِ، فإنَّه يقعُ عندَ تَمامِ كلامِه على الوَجْهِ الذى اقْتَضاه لَفْظُه، ولَفْظُه يَقْتضِى وُقوعَ الطَّلقاتِ الثَّلاثِ مُجْتمِعاتٍ، وهو معنى قولِ الخِرَقِىِّ: لأنَّه نَسَقٌ. أى


(٢٣) القائل هو عدى بن زيد العبادى، وهو عجز بيت صدره:
* وقدَّدَتِ الأَدِيمَ لرَاهِشَيْه *
انظر: الشعر والشعراء ١/ ٢٢٧، وحاشيته، واللسان والتاج (م ى ن).
(٢٤) سقط من: ب.
(٢٥) فى أ، م: "يقع الأول".
(٢٦) فى م: "تلفظه".

<<  <  ج: ص:  >  >>