للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَثَرَيْنِ: أمَّا الأَثَرَانِ، فَأَثَرٌ في سَبِيلِ اللهِ، وأثَرٌ في (٩) فَرِيضَةٍ [مِنْ فَرَائِضِ] (١٠) اللهِ تَعَالَى". رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (١١)، وقال: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ، وقد جاءَ ذِكْرُ هذه العِلَّةِ في الحَدِيثِ، فإن عبدَ اللهِ بنَ ثَعْلَبَةَ قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، فَإنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ في سَبِيلِ (١٢) اللهِ إلَّا يَأْتِى يَوْمَ القِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُه لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُه رِيحُ المِسْكِ". رَوَاهُ النَّسَائِىُّ (١٣). ويَحْتَمِلُ أنَّ الغُسْلَ لا يَجِبُ إلَّا من أجْلِ الصلاةِ، إلَّا أنَّ المَيِّتَ لا فِعْلَ له، فأُمِرْنَا بغَسْلِه لِنُصَلِّىَ عليه، فمَن لم تَجِب الصلاةُ عليه لم يَجِبْ غَسْلُه، كالحَىِّ. ويَحْتَمِلُ أن الشُّهَدَاءَ في المَعْرَكَةِ يَكْثُرُونَ، فيَشُقُّ غَسْلُهم، ورُبَّما يكونُ فيهم الجِراحُ فَيَتَضَرَّرُونَ، فَعُفِىَ عن غَسْلِهم لذلك. وأمَّا سُقُوطُ الصلَاةِ عليهم، فيَحْتَمِلُ أن تَكُونَ عِلَّتُه كَوْنَهم أحْياءً عند رَبِّهم، والصلاةُ إنَّما شُرِعَتْ في حَقِّ المَوْتَى. ويَحْتَمِلُ أنَّ ذلك لِغِنَاهُم عن الشَّفَاعَةِ لهم، فإنَّ الشَّهِيدَ يُشَفَّعُ في سَبْعِينَ من أهْلِه، فلا يَحْتَاجُ إلى شَفِيعٍ، والصلاةُ إنَّما شُرِعَتْ للشَّفاعَةِ.

فصل: فإن كان الشَّهِيدُ جُنُبًا غُسِّلَ، وحُكْمُه في الصَّلَاةِ عليه حُكْمُ غيرِه من الشُّهَداءِ. وبه قال أبو حنيفةَ. وقال مالِكٌ: لا يُغَسَّلُ؛ لِعُمُومِ الخَبَرِ. وعن الشَّافِعِىِّ كالمَذْهَبَيْنِ. ولَنا، ما رُوِىَ أنَّ حَنْظَلَةَ بن الرَّاهِبِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فقال


= باب الشهداء في سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. الموطأ ٢/ ٤٦١. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٣١، ٢٤٢، ٣١٧، ٣٨٤، ٣٩١، ٣٩٨، ٣٩٩، ٤٠٠، ٥١٢، ٥٢٠، ٥٣١، ٥٣٧، ٥/ ٤٣١.
(٩) سقط من: الأصل، أ.
(١٠) سقط من: م.
(١١) في: باب ما جاء في فضل المرابط، من أبواب فضائل الجهاد. عارضة الأحوذى ٧/ ١٦٤.
(١٢) سقط من: م.
(١٣) في: باب من كلم في سبيل اللَّه عز وجل، من كتاب الجهاد. المجتبى ٦/ ٢٥. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>