للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المِلْحَ فى الشَّيْرَجِ. وبَيْعُ السَّمْنِ بالمَخِيضِ، أَوْلَى بالجَوازِ؛ لِخُلُوِّ السَّمْنِ من المَخِيضِ. ولا يجوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بالسَّمْنِ؛ لأنَّ فى الزُّبْدِ لَبَنًا يَسِيرًا، ولا شَىْءَ فى السَّمْنِ، فَيَخْتَلُّ التَّماثُلُ، ولأنَّه مُسْتَخْرَجٌ من الزُّبْدِ، فلم يَجُزْ بَيْعُه به، كالزَّيْتُونِ بالزَّيْتِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وقال القاضِى: عندى يجوزُ؛ لأنَّ اللَّبَنَ فى الزُّبْدِ غيرُ مَقْصودٍ، فَوُجُودُه كَعَدَمِه، ولذلك جَازَ بَيْعُه بالمَخِيضِ وبِزُبْدٍ مثله. وهذا لا يَصِحُّ؛ لأنَّ التَّماثُلَ واجِبٌ بينهما، وانْفِرادُ أحَدِهِما بِوُجُودِ اللَّبَنِ فيه، يُخِلُّ بالتَّماثُلِ، فلم يَجُزْ بَيْعُه به، كَتَمْرٍ مَنْزُوعِ النَّوَى بِتَمْرٍ فيه نَواهُ، ولأنَّ أحَدَهُما يَنْفَرِدُ برُطُوبَةٍ لا تُوجَدُ فى الآخَرِ، فأشْبَه الرُّطَبَ بالتَّمْرِ، والعِنَبَ بالزَّبِيبِ، وكلَّ رَطبٍ بِيابِسٍ من جِنْسِه. ولا يجوزُ بَيْعُ شَىْءٍ من الزُّبْدِ والسَّمْنِ والمَخِيضِ بشىءٍ من أنْواعِ اللَّبَنِ، كالجُبْنِ واللِّبَأِ ونَحْوِهِما؛ لأنَّ هذه الأَنْواعَ لم يُنْتَزَعْ منها شَىْءٌ، فيكونُ حُكْمُها حكمَ اللَّبَنِ الذى فيه زُبْدُه، فلم يَجُزْ بَيْعُها، كَبَيْعِ اللَّبَنِ بها. وأمَّا بَيْعُ الجُبْنِ بالأَقِطِ، فلا يجوزُ مع رُطُوبَتِهِما، أو رُطُوبَةِ أحَدِهِما، كما لا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بالتَّمْرِ. وإنْ كانا يابِسَيْنِ احْتَمَلَ أنْ لا يجوزَ أيضًا؛ لأنَّ الجُبْنَ مَوْزُونٌ والأقِطَ مَكِيلٌ، فلم يَجُزْ بَيْعُ أحَدِهِمَا بالآخَرِ، كالخُبْزِ بالدَّقِيقِ، ويَحْتَملُ الجَوازَ، إذا تَماثَلا، كَبَيْعِ الخُبْزِ بالخُبْزِ.

٧١٣ - مسألة؛ قال: (ولَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بالْحَيَوانِ)

لا يَخْتَلِفُ المذهبُ أنَّه لا يجوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بحَيَوانٍ من جِنْسِه. وهو مذهبُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وقولُ فُقهاءِ المَدِينَةِ السَّبْعَةِ. وحُكِىَ عن مالِكٍ، أنَّه لا يجوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بحَيَوانٍ مُعَدٍّ لِلَّحْمِ، ويجوزُ بِغَيْرِه. وقال أبو حنيفةَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا؛ لأنَّه باعَ مالَ الرِّبَا بما لا رِبَا فيه، أشْبَه بَيْعَ اللَّحْمِ بالدَّراهِمِ، أو بِلَحْمٍ من غير جِنْسِه. ولنا، ما رُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بالحَيَوانِ. رواه مالِكٌ فى المُوَطَّأِ (١)،


(١) فى: باب بيع الحيوان باللحم، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٥٥.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب بيع اللحم بالحيوان، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٢٩٦. والدارقطنى، فى: كتاب البيوع. سنن الدارقطنى ٣/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>