للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا اللَّبَنُ باللِّبَأِ، فإن كان قَبْلَ أن تَمَسَّهُ النارُ، جازَ مُتَماثِلًا؛ لأنَّه لَبَنٌ بِلَبَنٍ. وإن مَسَّتْهُ النارُ لم يَجُزْ. وذَكَرَ القاضِى وَجْهًا، أنَّه يَجوزُ، وليس بِصَحِيحٍ؛ لأنَّ النارَ عَقَدَتْ أجْزاءَ أحَدِهما، وذَهَبَتْ بِبَعْضِ رُطُوبَتِه، فلم يَجُزْ بَيْعُهُ بما لم تَمَسَّه النارُ، كالخُبْزِ بالعَجِينِ، والمَقْلِيَّةِ بالنّيئَةِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وأمّا بَيْعُ النَّوْعِ من فُرُوعِ اللَّبَنِ بِنَوْعِه، فما فيه خِلْطٌ من غير اللَّبَنِ، كالكِشْكِ والكامَخِ (١٥)، ونحوِهما، لا يجوزُ [بَيْعُ ذلك] (١٦) بِنَوْعِه ولا بغيرِه؛ لأنَّه مُخْتَلِطٌ بغيرِه، فهو كَمسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وما ليسَ فيه غيرُه، أو فيه غيرُه، إلَّا أنَّ ذلك الغَيْرَ لِمَصْلَحَتِه، فيجوزُ بَيْعُ كلِّ نَوْعٍ منه بعضِه بِبَعْضٍ إذا تَساوَيا فى النَّشافَةِ والرُّطُوبَةِ، فيَبِيعُ المَخِيضَ بالمَخِيضِ، واللِّبأَ باللِّبأِ، والجُبْنَ بالجُبْنِ، والمَصْلَ (١٧) بالمَصْلِ، والأَقِطَ بالأَقِطِ، والزُّبْدَ بالزُّبْدِ، والسَّمْنَ بالسَّمْنِ، مُتَساوِيًا. ويُعْتَبَرُ التَّساوِى بين الأَقِطِ بالأَقِطِ (١٨) بالكَيْلِ؛ لأنَّه قُدِّرَ بالصَّاعِ فى صَدَقَةِ الفِطْرِ، وهو يُشْبِهُ المَكِيلاتِ، وكذلك المَصْلُ والمَخِيضُ. ويُباعُ الخُبْزُ بالخُبْزِ بالوَزْنِ؛ لأنه مَوْزُونٌ ولا يمكن كَيْلُه، فأَشْبَهَ الخُبْزَ. وكذلك الزُّبْدُ والسَّمْنُ. ويَتَخَرَّجُ أن يُباعَ السَّمْنُ بالكَيْلِ. ولا يُباع ناشِفٌ من ذلك بِرَطْبٍ، كما لا يباع الرُّطَبُ بالتَّمْرِ، ويَحْتَمِلُ كَلامُ الخِرَقِىِّ أن لا يُباعَ رَطْبٌ من ذلك بِرَطْبٍ [كَما فى اللَّحْمِ] (١٩). وأمَّا بَيْعُ ما نُزِعَ من اللَّبَنِ بِنَوْعٍ آخَرَ، كالزُّبْدِ، والسَّمْنِ، والمَخِيضِ، فظَاهِرُ المذهبِ، أنَّه يجوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ والسَّمْنِ بالمَخِيضِ، مُتَماثِلًا ومُتَفَاضِلًا؛ لأنَّهما جِنْسانِ، وذلك؛ لأنَّهما شَيْئانِ من أَصْلٍ واحِدٍ، أَشْبَها اللَّحْمَ بالشَّحْمِ. ومِمَّنْ أجازَ بَيْعَ الزُّبْدِ بالمَخِيضِ الثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ. ولأنَّ اللَّبَنَ الذى فى الزُّبْدِ غيرُ مَقْصُودٍ، وهو يَسِيرٌ، فأَشْبَه


(١٥) الكامخ، كهاجر: إدام، أو المخللات المشهية.
(١٦) فى م: "بيعه".
(١٧) المصل: ما سال من الأقط إذا طبخ ثم عصر.
(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) فى م: "كاللحم".

<<  <  ج: ص:  >  >>