للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَوَاءٌ كان الإحْرَامُ بِحَجٍّ أو بعُمْرَةٍ (٣)، أو بِهما، فى قولِ إِمامِنَا، وأبِى حنيفةَ، والشَّافِعِىّ. وحُكِىَ عن مالِكٍ أنَّ المُعْتَمِرَ لا يَتَحَلَّلُ؛ لأنَّه لا يَخافُ الفَوَاتَ. وليس بِصَحِيحٍ؛ لأنَّ الآيةَ إنَّما نَزَلَتْ فى حَصْرِ الحُدَيْبِيَةِ، وكان النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصْحَابُه مُحْرِمِينَ بِعُمْرَةٍ، فحَلُّوا جَمِيعًا. وعلى مَن تَحَلَّلَ بالإِحْصَارِ الهَدْىُ، فى قَوْلِ أَكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، وحُكِىَ عن مالِكٍ، ليس عليه هَدْىٌ؛ لأنَّه تَحَلُّلٌ أُبِيحَ له (٤) مِن غيرِ تَفْرِيطٍ، أشْبَهَ مَن أَتَمَّ حَجَّهُ. وليس بِصَحِيحٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. قال الشَّافِعِىُّ: لا خِلافَ بين أهْلِ التَّفْسِيرِ أنَّ هذه الآيَةَ نَزَلَتْ فى حَصْرِ الحُدَيْبِيَةِ. ولأنَّه أُبِيحَ له التَّحَلُّلُ قبلَ إتْمَامِ نُسُكِهِ، فكان عليه الهَدْىُ، كالذى فَاتَه الحَجُّ، وبهذا فَارَقَ مَن أَتَمَّ حَجَّهُ.

فصل: ولا فَرْقَ بين الحَصْرِ العَامِّ فى حَقِّ الحَاجِّ كله، وبين الخَاصِّ فى حَقِّ شَخْصٍ وَاحِدٍ، مثل أن يُحْبَسَ بغيرِ حَقٍّ، أو أخَذَتْهُ اللُّصُوصُ وَحْدَهُ؛ لِعُمُومِ النَّصِّ، وَوُجُودِ المَعْنَى فى الكُلِّ. فأمَّا مَن حُبِسَ بِحَقٍّ عليه، يُمْكِنُه الخُرُوجُ منه، لم يكُنْ له التَّحَلُّلُ؛ لأنَّه لا عُذْرَ له فى الحَبْسِ. وإن كان مُعْسِرًا به عاجِزًا عن أدَائِه، فحَبَسَهُ بغيرِ حَقٍّ، فله التَّحَلُّلُ، كَمَنْ ذَكَرْنَا. وإن كان عليه دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، يَحِلُّ قبلَ قُدُومِ الحَاجِّ، فَمنَعَهُ صَاحِبُه من الحَجِّ، فله التَّحَلُّلُ أيضًا؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. ولو أحْرَمَ العَبْدُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه أو المَرْأَةُ لِلتَّطَوُّعِ بغيرِ إذْنِ زَوْجِها، فلهما مَنْعُهما، وحُكْمُهما حُكْمُ المُحْصَرِ.


= والحديث أخرجه البخارى، فى: كتاب ما يلبس المحرم. . .، وباب متى يحل المعتمر، وباب من قال ليس على المحصر بدل، من كتاب المحصر وجزاء الصيد. صحيح البخارى ٢/ ١٦٩، ١٧٠، ٣/ ٧، ١٢. ومسلم، فى: باب بيان جواز التحلل. بالإحصار، من كتاب الحجّ. صحيح مسلم ٢/ ٩٠٣. وأبو داود، فى: باب الإحصار، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٣١. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٣٢٧.
(٣) فى ب، م: "عمرة".
(٤) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>