للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابِ اللهِ [ولا سُنَّةِ] (٦) رَسُولِه إلَّا بِنَسْخٍ، والنَّسْخُ لا يثْبُتُ بِالاحْتِمالِ. ثم إنَّ النَّسْخَ إنَّما يكونُ في حَياةِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لأنَّ النَّسْخَ إنَّما يكونُ بِنَصٍّ، ولا يكونُ النَّصُّ بعدَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وانْقِرَاضِ زَمَنِ الوَحْي، ثم إنَّ القُرآنَ لا يُنْسَخُ إلَّا بِقُرْآنٍ، وليس في القُرْآنِ نَسْخٌ كذلك ولا في السُّنَّةِ، فكيف يُتْرَكُ الكتابُ والسُّنَّةُ بمُجَرَّدِ الآرَاءِ والتَّحَكُّمِ، أو بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ أو غيرِه! على أَنَّهم لا يَرَوْنَ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ (٧) حُجَّةً يُتْرَكُ لها (٨) قِيَاسٌ، فكيف يَتْرُكُونَ به القُرْآنَ (٩) والسُّنَّةَ! قال الزُّهْرِيُّ: لا أعْلَمُ شيئًا نَسَخَ حُكْمَ المُؤَلَّفَةِ. على أنَّ ما ذَكَرُوهُ من المَعْنَى لا خِلافَ بينه وبينَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، فإنَّ الغِنَى عنهم لا يُوجِبُ رَفْعَ حُكْمِهم، وإنما يَمْنَعُ عَطِيَّتَهُم حَالَ الغِنَى عنهم، فمتى دَعَتِ الحاجَةُ (١٠) إلى إعْطَائِهم أُعْطُوا، فكذلك جَمِيعُ الأصْنافِ، إذا عَدِمَ منهم صِنْفٌ في بعضِ الزَّمَانِ، سَقَطَ حُكْمُه في ذلك الزَّمَنِ خَاصَّةً، فإذا وُجِدَ عادَ حُكْمُه، كذا هُنا.

فصل: ولا يجوزُ صَرْفُ الزكاةِ إلى غيرِ مَن ذَكَرَ اللهُ تعالى، من بِنَاءِ المَساجِدِ والقَناطِرِ والسِّقاياتِ وإصْلاحِ الطُّرُقَاتِ، وسَدِّ البُثُوقِ، وتَكْفِينِ المَوتى، والتَّوْسِعَةِ على الأضْيافِ، وأشْبَاهِ ذلك من القُرَبِ التي لم يَذْكُرْها اللَّه تعالى. وقال أنَسٌ، والحسنُ: ما أَعْطَيْتَ في الجُسُورِ والطُّرُقِ فهو (١١) صَدَقَةٌ مَاضِيَةٌ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لِقَوْلِه سُبْحَانَهُ وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}. "وإنَّما" لِلْحَصْرِ والإثباتِ، تُثْبِتُ المَذْكُورَ، وتَنْفِى ما عدَاهُ، والخَبَرُ المَذكُورُ. قال أبو


(٦) في أ، ب، م: "وسنة".
(٧) في م زيادة: "في".
(٨) في م: "بها".
(٩) في م: "الكتاب".
(١٠) في أ، م: "الحالة".
(١١) في أ، ب، م: "فهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>