للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين المِيقَاتِ ومَكَّةَ. وقال القاضى: لا يَقَعُ فِعْلُه عن الآمِرِ، ويَرُدُّ جَمِيعَ النَّفَقَةِ؛ لأنَّه أتَى بغيرِ ما أُمِرَ به. وهو مَذهبُ أبى حنيفةَ. ولَنا، أنَّه إذا أحْرَمَ من المِيقاتِ فقد أتَى بالحَجِّ صَحِيحًا من مِيقَاتِه، وإن أحْرَمَ به من مَكَّةَ، فما أخَلَّ إلَّا بما يَجْبُرُه الدَّمُ، فلم تَسْقُطْ نَفَقَتُه، كما لو تَجَاوَزَ المِيقاتَ غيرَ مُحْرِمٍ، فأحْرَمَ دونه. وإن أمَرَه بالإِفْرَادِ فقَرَنَ، لم يَضْمَنْ شَيْئًا. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَضْمَنُ؛ لأنَّه مُخَالِفٌ. ولَنا، أنَّه أتَى بما أُمِرَ به وزِيَادَةً، فصَحَّ ولم يَضْمَنْ، كما لو أمَرَهُ بِشِراءِ شاةٍ بِدِينَارٍ، فاشْتَرَى به (٢٣) شَاتَيْنِ تُسَاوِى إحْدَاهُما دِينارًا. ثم إن كان أَمَرَهُ بالعُمْرَةِ بعدَ الحَجِّ ففَعَلَها، فلا شىءَ عليه، وإن لم يَفْعَلْ، رَدَّ من النَّفَقَةِ بِقَدْرِها.

فصل: وإن أمَرَهُ بالتَّمَتُّعِ فقَرَنَ، وَقَعَ عن الآمِرِ، لأنَّه أمَرَ بهما، وإنَّما خَالَفَ فى أنَّه أمَرَهُ بالإِحْرَامِ بالحَجِّ من مَكَّةَ، فأحْرَمَ به من (٢٤) المِيقَاتِ. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ أنَّه لا يَرُدُّ شَيْئًا من النَّفَقَةِ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وقال القاضى: يَرُدُّ نِصْفَ النَّفَقَةِ؛ لأنَّ غَرَضَه فى عُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ وتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ التَّمَتُّعِ، وقد خَالَفَه فى ذلك، وفَوَّتَهُ عليه. وإن أَفْرَدَ وَقَعَ عن المُسْتَنِيبِ أيضا، ويَرُدُّ نِصْفَ النَّفَقَةِ؛ لأنَّه أخَلَّ بالإِحْرَامِ بالعُمْرَةِ من المِيقاتِ، وقد أمَرَهُ به، وإحْرَامُه بالحَجِّ من المِيقَاتِ زِيادَةٌ لا يَسْتَحِقُّ به شيئا.

فصل: [فأمَّا إن] (٢٥) أمَرَهُ بالقِرَانِ فأفْرَدَ أو تَمَتَّعَ، صَحَّ، وَوَقَعَ النُّسُكانِ عن الآمِرِ، ويَرُدُّ من النَّفَقَةِ بِقَدْرِ ما تَرَكَ من إحْرَامِ النُّسُكِ الذى تَرَكَهُ من المِيقَاتِ. وفى جَمِيعِ ذلك، إذا أمَرَه بالنُّسُكَيْنِ، ففَعَلَ أحَدَهما دُونَ الآخَرِ، رَدَّ من النَّفَقَةِ بِقَدْرِ ما تَرَكَ، ووَقَعَ المَفْعُولُ عن الآمِرِ، ولِلنَّائِبِ من النَّفَقَةِ بِقَدْرِهِ.


(٢٣) سقط من: الأصل، م.
(٢٤) سقط من. م.
(٢٥) فى أ، ب، م: "فإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>