للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمسافةِ. وإن شَكَّ هل السَّفَرُ مُبِيحٌ لِلْقَصْرِ أوْ لا؟ لم يُبَحْ له؛ لأنَّ الأصْلَ وُجُوبُ الإِتْمَامِ، فلا يَزُولُ بالشَّكِّ. وإن قَصَرَ، لم تَصِحَّ صَلَاتُه، وإن تَبَيَّنَ له بَعْدَها أنه طَوِيلٌ؛ لأنَّه صَلَّى شَاكًّا في صِحَّةِ صَلَاتِه، فَأَشْبَهَ ما لو صَلَّى شَاكًّا في دُخُولِ الوَقْتِ.

فصل: والاعْتِبَارُ بالنِّيَّةِ لا بالفِعْلِ، فيُعْتَبَرُ أن يَنْوِىَ مَسَافَةً تُبِيحُ القَصْرَ، فلو خَرَجَ يَقْصِدُ سَفَرًا بَعِيدًا، فقَصَرَ الصَّلَاةَ، ثم بَدَا له فَرَجَعَ، كان ما صَلَّاهُ مَاضِيًا صَحِيحًا، ولا يَقْصُرُ في رُجُوعِه، إلَّا أن تَكُونَ مَسَافَةُ الرُّجُوعِ مُبِيحَةً بِنَفْسِها. نَصَّ أحمدُ على هذا. ولو خَرَجَ طَالِبًا لِعَبْدٍ آبِقٍ، لا يَعْلَمُ أيْنَ هو، أو مُنْتَجِعًا غَيْثًا أو كَلَأً، متى وَجَدَهُ أقَامَ أو رَجَعَ، أو سائِحًا في الأَرْضِ لا يَقْصِدُ مَكَانًا، لم يُبَحْ له القَصْرُ، وإن سَارَ سَفَرًا أيَّامًا. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُبَاحُ له القَصْرُ إذا بَلَغَ مَسَافَةً مُبِيحَةً له؛ لأنه مُسَافِرٌ سَفَرًا طَوِيلًا. ولنَا، أنَّه لم يَقْصِدْ مَسَافَةَ القَصْرِ، فلم يُبَحْ له، كابْتِدَاءِ سَفَرِه، ولأنَّه لم يُبَح له (٢٣) القَصْرُ في ابْتِدَائِه فلم يُبَحْ (٢٤) في أثْنَائِه، إذا لم تُعْتَبَرْ (٢٥) نِيَّتُه، كالسَّفَرِ القَصِيرِ، وسَفَرِ المَعْصِيَةِ، ومتى رَجَعَ هذا يَقْصِدُ بَلَدَه، أو نَوَى مسافةَ القَصْرِ، فله القَصْرُ؛ لِوُجُودِ نِيَّتِه المُبِيحَةِ، ولو قَصَدَ بَلَدًا بعيدًا، أو في عَزْمِه أنَّه متى وَجَدَ طِلْبَتَه دُونَه رَجَعَ أو أقَامَ، لم يُبَحْ له القَصْرُ؛ لأنَّه لم يَجْزِمْ بِسَفَرٍ طَوِيلٍ. وإن كان لا يَرْجِعُ ولا يُقِيمُ بِوُجُودِه، فله القَصْرُ.

فصل (٢٦): ومتى كان لِمَقْصِدِه طَرِيقَانِ، يُبَاحُ القَصْرُ في أحَدِهما دُونَ الآخَرَ، فسَلَكَ البَعِيدَ لِيَقْصُرَ الصَّلَاةَ فيه، أُبِيحَ له؛ لأنَّه مُسَافِرٌ سَفَرًا بَعِيدًا مُبَاحًا، فأُبِيحَ له القَصْرُ، كما لو لم يَجِدْ سِوَاهُ أو كان الآخَرُ مَخُوفًا أو شَاقًّا.


(٢٣) سقط من: ا، م.
(٢٤) في أ، م: "يبحه".
(٢٥) في أ، م: "يغير".
(٢٦) سقط هذا الفصل كله من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>