للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدُ؛ لِمَا رَوَى الأثْرَمُ، وسعيدُ بنُ منصورٍ (٤٤)، أَنَّه دَخَلَ مسجِدًا قد صَلُّوا فيهِ، فأَمَرَ رَجُلًا فأَذَّنَ وأقامَ، وصَلَّى بهِمْ في جماعَةٍ. وإنْ شاءَ صَلَّى منْ غَيْرِ أذانٍ ولا إقامةٍ؛ فإنَّ عُرْوَةَ قال: إذَا انْتَهَيْتَ إلى مسجِدٍ قد صَلَّى فيهِ ناسٌ أذَّنُوا وأقَامُوا، فإنَّ أذانَهم وإقامتَهم تُجْزِىءُ عَمَّنْ جاء بَعْدَهم. وهذا قولُ الحسنِ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، إلَّا أنَّ الحسنَ، قال: كان أحَبَّ إليهم أنْ يُقِيمَ. وإذا أَذَّنَ فالمُسْتَحَبُّ أنْ يُخْفِىَ ذلك ولا يَجْهَرَ به؛ لِيَغُرَّ النَّاسَ بالأذانِ في غيرِ مَحَلِّه (٤٥).

فصل: وليسَ على النِّسَاءِ أذانٌ ولا إقامةٌ، وكذلكَ قال ابن عمرَ، وأنَسٌ، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا أعلمُ فيه خلافًا. وهل يُسَنُّ لهُنَّ ذلكَ؟ فقد رُوِىَ عن أحمدَ، قال: إنْ فَعَلْنَ فلا بَأْسَ، وإنْ لم يَفْعَلْنَ فجائِزٌ. وقال القاضي: هل يُسْتَحَبُّ لها الإِقامةُ؟ على رِوَايَتَيْنِ. وعن جَابِرٍ: أنَّها تُقِيمُ. وبه قال عطاءٌ، ومُجَاهدٌ، والأوْزَاعِىُّ. وقال الشافعيُّ: إنْ أذَّنَّ وأقَمْنَ فلا بَأْسَ. وعن عائشةَ، أنَّها كانتْ تُؤَذِّنُ وتُقِيمُ. وبه قال إسحاقُ. وقد رُوِىَ عن أُمِّ وَرَقَةَ, أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أذِنَ لها أنْ يُؤَذَّنَ لها ويُقَامَ، وتَؤُمَّ نِسَاءَ أهْلِ دَارِها (٤٦) وقِيلَ: إنَّ هذا الحديث يَرْوِيهِ الوليدُ ابنُ جُمَيْع (٤٧)، وهو ضعيفٌ. ورَوَى النَّجَّادُ، بإسنادِهِ، عن أسمَاءَ بنْت يَزيدَ، قالت: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أذَانٌ ولَا إِقَامَةٌ" (٤٨). ولأنَّ الأذانَ في الأصْلِ للإِعْلَامِ، ولا يُشْرَعُ لها ذلك، والأذانُ يُشْرَعُ له رَفْعُ الصَّوْتِ، ولا يُشْرَعُ لها رَفْعُ الصوتِ، ومَنْ لا يُشْرَعُ في حَقِّهِ الأَذانُ لا يُشْرَعُ في حَقِّهِ الإِقامةُ، كغَيْرِ المُصَلِّى، وكمَنْ أَدْركَ بعضَ الجماعةِ.


(٤٤) لم نجده في ما نشر من سنن سعيد بن منصور. وأخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الرجل يجىء المسجد وقد صلوا أيؤذن ويقيم، من كتاب الأذان والإقامة. مصنف ابن أبي شيبة ١/ ٢٢١.
(٤٥) أي أن فعله هذا قد يغر الناس بالأذان في غير محله.
(٤٦) أخرجه أبو داود، في: باب إمامة النساء، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٣٩. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٤٠٥.
(٤٧) هو الوليد بن عبد اللَّه بن جميع الزهري. انظر: الضعفاء الكبير، للعقيلي ٤/ ٣١٧.
(٤٨) أخرجه البيهقي، في: باب ليس على النساء أذان ولا إقامة، من كتاب الصلاة. سنن البيهقي ١/ ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>