للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَحْضَةِ، والذُّكُورِيَّةَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الجُمُعَةِ وانْعِقادِها، لأنَّ الجُمُعَةَ يَجْتَمِعُ لها الرِّجالُ، والمَرْأَةُ ليستْ من أهْلِ الحُضُورِ في مجامِع الرِّجالِ، ولَكِنَّها تَصِحُّ منها لِصِحَّةِ الجماعةِ منها، فإنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يُصَلِّينَ مع النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجماعةِ. وأمَّا البُلُوغُ، فهو شَرْطٌ أيضًا لِوُجُوبِ الجُمُعَةِ وانْعِقادِها، في الصَّحِيحِ من المذهبِ، وقَوْلِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ لأنَّه مِن شَرائِط التَّكْلِيفِ، بِدَلِيلِ قَوْلِه عليه السَّلامُ: "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّبِىِّ حتى يَبْلُغَ" (٤)، وذَكَرَ بعضُ أصْحابِنَا في الصَّبِىِّ المُمَيِّزِ رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّها وَاجِبَةٌ عليه، بِنَاءً على تَكْلِيفِه. ولا مُعَوَّلَ عليه.

فصل: فأمَّا الأرْبَعُونَ، فالمَشْهُورُ في المذهبِ أنَّه شَرْطٌ لِوُجُوبِ الجُمُعَةِ وصِحَّتِها. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ، وعُبَيْدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ بن عُتْبةَ. وهو مذهبُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ. وَرُوِىَ عن أحمدَ أنَّها لا تَنْعَقِدُ إلَّا بِخَمْسِينَ؛ لما رَوَى أبو بكر النَّجَّادُ، عن عبدِ المَلِكِ الرَّقَاشِىّ، حَدَّثَنا رَجَاءُ بن سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بن عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِىِّ، عن جعفر بن الزُّبَيْرِ، عن القَاسِمِ، عن أبي أُمَامَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تَجِبُ الجُمُعَةُ عَلَى خَمْسِينَ رَجُلًا، ولا تَجِبُ عَلَى مَا دُونَ ذلِكَ" (٥). وبإسْنَادِهِ عن الزُّهْرِىِّ، عن أبي سَلَمَةَ، قال: قلتُ لأبي هُرَيْرَةَ: علَى كم تَجِبُ الجُمُعَةُ مِن رَجُلٍ؟ قال: لمَّا بَلَغ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَمْسِينَ جَمَّعَ بهم رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وعن أحمدَ أنَّها تَنْعَقِدُ بِثلاثةٍ. وهو قولُ الأوْزَاعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ؛ لأنَّه يَتَنَاوَله اسْمُ الجَمْعِ، فانْعَقَدَتْ به الجماعةُ كالأرْبَعِينَ، ولأنَّ اللهَ تعالى قال: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٦) وهذه صِيغَةُ الجَمْعِ فيَدْخُلُ فيه الثَّلاثةُ. وقال أبو حَنِيفَةَ: تَنْعَقِدُ


(٤) تقدم تخريجه في ٢/ ٥٠.
(٥) أخرجه الدارقطني، في: باب ذكر العدد في الجمعة، من كتاب الجمعة. سنن الدارقطني ٢/ ٤. وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد للطبراني في الكبير. مجمع الزوائد ٢/ ١٧٦.
(٦) سورة الجمعة ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>