للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم أنْ يَبْتاعُوا العَرايا بِخَرْصِها من التَّمْرِ الذى في أَيْدِيهِمْ يَأْكُلُونَه رُطَبًا (١٣). وإذا كان سَبَبُ الرُّخْصَة حاجَةَ المُشْتَرِى، لم تُعْتَبَرْ حاجَةُ البائِعِ إلى البَيْعِ، فلا يَتَقَيَّدُ في حَقِّه بخَمْسَةِ أوْسُقٍ. ولأنَّنا لو اعْتَبَرْنَا الحاجَةَ مِن المُشْتَرِى وحاجَةَ البائِعِ إلى البَيْعِ، أَفْضَى إلَى أنْ لا يَحْصُلَ الإِرْفَاقُ (١٤)، إذ لا يَكادُ يَتَّفِقُ وُجُودُ الحاجَتَيْنِ، فتَسْقُطُ الرُّخْصَةُ. فإن قُلْنا: لا يجوزُ ذلك، بَطَلَ العَقْدُ الثانى. فإن اشْتَرَى عَرِيَّتَيْنِ أو باعَهُما، وفيهما أقَلُّ من خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، جازَ، وَجْهًا واحِدًا.

الفصل الثالثُ، أنّه لا يُشْتَرَطُ في بَيْعِ العَرِيَّةِ أنْ تَكونَ مَوْهُوبةً لِبائِعِها. هذا ظاهِرُ كَلامِ أصْحابِنا. وبه قال الشَّافِعِيُّ. وظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ، أنّه شَرْطٌ. وقد رَوَى الأثْرَمُ، قال: سَمِعْتُ أحْمَدَ يُسْأَلُ (١٥) عن تَفْسِيرِ العَرايا. فقال: العَرايا أن يُعَرِّىَ الرَّجُلُ الجارَ أو القَرابةَ لِلْحاجَةِ أو المَسْكَنَةِ، فللمُعَرِّى أنْ يَبِيعَها ممَّن شاءَ. وقال مالِكٌ: بَيْعُ العَرايا الجائِزُ هو أنْ يُعَرِّىَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ نَخلاتٍ من حائِطِه، ثم يَكْرَه صاحِبُ الحائِطِ دُخُولَ الرَّجُلِ المُعَرَّى حائِطَه (١٦)؛ لأنّه ربّما كان مع أهْلِه في الحائِطِ، فيُؤْذِيه (١٧) دُخُولُ صاحِبِه عليه، فيجوزُ أنْ يَشْتَرِيَها منه. واحْتَجُّوا بأنَّ العَرِيَّةَ في اللُّغَةِ هِبَةُ ثَمَرَةِ النَّخِيلِ عَامًا. قال أبو عُبَيْدٍ (١٨): الإِعْراءُ، أن يَجْعَلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ ثَمَرَةَ نَخْلِه عَامَها ذلك. قال [شاعِرُ الأنْصارِ] (١٩) يَصِفُ النَّخْلَ:

لَيْسَتْ بِسَنْهَاءَ ولا رُجَّبِيَّةٍ ... ولَكِنْ عَرَايَا فى السِّنِينَ الجَوَائِحِ (٢٠)


(١٣) ذكره الزيلعى في نصب الراية ٤/ ١٣، ١٤، وقال: لم أجد له سندًا بعد الفحص البالغ. وذكره الشافعى، باب بيع العرايا، من كتاب البيوع. الأم ٣/ ٤٧.
(١٤) الإرفاق: النفع.
(١٥) في م: "سئل".
(١٦) سقط من: م.
(١٧) في الأصل: "فيكره".
(١٨) في غريب الحديث ١/ ٢٣١.
(١٩) في م: "الشاعر الأنصارى". والمثبت في: الأصل، وغريب الحديث.
(٢٠) البيت لسويد بن الصامت، كما في غريب الحديث واللسان (ر ج ب، س ن هـ، ع ر ى). وأنشده=

<<  <  ج: ص:  >  >>