للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدةَ في إضافتِه هَهُنا نعلَمُها إلَّا اعتبارُ الثُّيُوبَةِ، ولأنَّه قد ذكرَ عُقوبَتَيْنِ، إحْدَاهما أغْلَظُ من الأُخْرى، فكانتِ الأغْلَظُ للثَّيِّب، والْأُخْرَى للأَبْكَارِ. كالرَّجم والجَلْدِ، ثم نُسِخَ هذا بما رَوَى عُبَادَةُ بتُ الصَّامِتِ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خُذُوا عَنِّى، خُذُوا عَنِّى، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، البِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتغْرِيبُ عَامٍ، والثِّيِّبُ بالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ والرَّجْمُ". رواه مُسْلم، وأبو داودَ (٨). فإنْ قِيل: فكيفَ يُنْسَخُ القُرْآنُ بالسُّنَّةِ؟ قُلْنا: قد ذهبَ بعضُ أصْحابِنا إلى جوازِهِ؛ لأنَّ الكُلَّ من عندِ اللهِ، وإن اخْتَلفتْ طريقُه (٩)، ومن مَنَعَ ذلك قال: ليس هذا نَسْخًا، إنَّما هو تفسيرٌ للقرآنِ وَتَبْيِينٌ له؛ لأنَّ النَّسْخَ رَفْعُ حُكْمٍ ظاهِرُه الإِطْلاقُ، فأمَّا ما كانَ مَشْروطًا بشَرْطٍ (١٠)، وزالَ الشَّرْطُ، لا يكونُ نَسْخًا، وههُنا شَرَطَ اللهُ تعالى حَبْسَهُنَّ [إلى أنْ] (١١) يَجْعَلَ اللهُ (١٢) لَهُنَّ سَبِيلًا، فَبيَّنتِ السُّنَّةُ السَّبِيلَ، فكانَ بَيَانًا لا نَسْخًا. ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ نَسْخَه حَصَلَ بالقرآنِ، فإنَّ الجَلْدَ في كتابِ اللهِ تعالى، والرَّجْمَ كان فيه، فنُسِخَ رَسْمُه، وبَقِىَ حُكْمُه.

١٥٥١ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رَحِمَه اللَّه: (وَإذَا زَنَى الْحُرُّ الْمُحْصَنُ، أو الحُرَّةُ الْمُحْصَنَةُ، جُلِدَا وَرُجِمًا حَتَّى يَمُوتَا، في إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عَنْ أبِى عَبْدِ اللهِ، رَحِمَهُ اللهُ، والرِّوَايةُ الأُخْرَى، يُرْجَمانِ ولَا يُجْلَدَانِ)


(٨) أخرجه مسلم، في: باب حد الزنا، من كتاب الحدود. صحيح مسلم ٣/ ١٣١٦، ١٣١٧. وأبو داود، في: باب في الرجم، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٥٥.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرجم على الثيب، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٩، ٢١٠. وابن ماجه، في: باب حد الزنا، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٥٢. والدارمى، في باب تفسير قول اللَّه تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}، من كتاب الحدود. سنن الدارمي ٢/ ١٨١. والإِمام أحمد في: المسند ٣/ ٤٧٦، ٥/ ٣١٨، ٣٢٠، ٣٢٧.
(٩) في ب، م: "طرقه".
(١٠) في ب، م: "بشروط".
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) لم يرد في: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>