للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الآخَرِينَ، يَنْبَغِى أن يكونَ للثانِى ثُلُثُه كامِلًا. وإن وَصَّى بِعَبْدِه لِاثْنَيْنِ، فرَدَّ أحَدُهُما وَصِيَّتَه، فللآخَرِ نِصْفُه. وإن وَصَّى لِاثْنَيْنِ بثُلُثَىْ مالِه، فرَدَّ الوَرَثةُ ذلك، ورَدَّ أحَدُ الوَصِيَّيْنِ وَصِيَّتَه، فللآخَرِ الثُّلُثُ كامِلًا؛ لأنَّه وَصَّى له به مُنْفَرِدًا، وزالَتِ المُزَاحَمةُ، فكَمُلَ له، كما لو انْفَرَدَ به.

فصل: إذا أقَرَّ الوارِثُ أن أبَاهُ وَصَّى بالثُّلُثِ لِبِشْرٍ، وأقامَ آخَرُ شاهِدَيْنِ أنَّه وَصَّى له بالثُّلُثِ، فرَدَّ الوارِث الوَصِيَّتَيْنِ، وكان الوارِثُ رَجُلًا عاقِلًا عَدْلًا، وشَهِدَ بالوَصِيَّةِ، حَلَفَ معه المُوصَى له، واشْتَرَكَا في الثُّلُثِ. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ. وهو قِيَاسُ قولِ الشافِعِيِّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا يُشَارِكُه المُقَرُّ له. بِنَاءً منهم على أنَّ الشاهِدَ واليَمِينَ ليس بحُجَّةٍ شَرْعِيّةٍ. وقد ثَبَتَ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى بشاهِدٍ ويَمِينٍ. رَوَاه مُسْلِمٌ (١). وإن كان المُقِرُّ ليس بعَدْلٍ، أو كان امْرَأةً، فالثُّلُثُ لمن ثَبَتَتْ له البَيِّنةُ؛ لأنَّ وَصِيَّتَه ثابِتَةٌ، ولم تَثْبُتْ وَصِيّةُ الآخَرِ، وإن لم يكُنْ لواحِدٍ منهما بَيِّنةٌ، فأقَرَّ الوارِثُ أنَّه أقَرَّ لِفُلانٍ بالثُّلُثِ، أو بهذا العَبْدِ، وأقَرَّ لِفُلانٍ به بكَلَامٍ مُتَّصِلٍ، فالمُقَرُّ به بينهما. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا. وإن أقَرَّ به لواحدٍ، ثم أقَرَّ به لآخَرَ في مَجْلِسٍ آخَرَ، لم يُقْبَلْ إقْرَارُه؛ لأنَّه ثَبَتَ (٢) للأَوّلِ بإقْرَارِه، فلا يُقْبَلُ قَوْلُه فيما يَنْقُصُ به حَقُّ الأَوّلِ، إلَّا أن يكونَ عَدْلًا، فيَشْهَدَ بذلك، ويَحْلِفَ معه المُقَرُّ له، فيُشَارِكَه، كما لو ثَبَتَ للأَوَّلِ (٣) بِبَيِّنةٍ (٤). وإن أقَرَّ للثانِى في المَجْلِسِ بكَلَامٍ


(١) في: باب القضاء باليمين والشاهد، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم ٣/ ١٣٣٧.
كما أخرجه أبو داود، في: باب القضاء باليمين والشاهد، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٧٧. وابن ماجه، في: باب القضاء بالشاهد واليمين، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٩٣. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٤٨، ٣١٥، ٣٢٣.
(٢) في م: "يثبت".
(٣) في الأصل، أ: "الأول".
(٤) في م: "بينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>