للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُسْتَحَبُّ شَدُّ لَحْيَيْهِ بِعِصابةٍ عَرِيضَةٍ، يَرْبُطُها مِن فوقِ رَأْسِه؛ لأنَّ المَيِّتَ إذا كان مَفْتُوحَ العَيْنَيْنِ والفَمِ، فلم يُغَمَّضْ حتى يَبْرُدَ، بَقِىَ مَفْتُوحًا، فيَقْبُحُ مَنْظَرُه، ولا يُؤْمَنُ دُخُول الهَوَامِّ فيه، والماءِ في وَقْتِ (٦) غُسْلِه. وقال بَكْرُ بنُ عبدِ اللهِ المُزنِىُّ: ويقولُ الذي يُغْمِضُهُ: بِسْمِ اللهِ، وعلى مِلَّةِ رسول اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ويُجْعَلُ على بَطْنِه شيءٌ من الحَدِيدِ، كمِرْآةٍ أو غيرِها، لِئَلَّا يَنْتَفِخَ بَطْنُه، فإنْ لم يَكُنْ شيءٌ من الحديدِ فَطِينٌ مَبْلُولٌ، ويُسْتَحَبُّ أن يَلِىَ ذلك منه أرْفَقُ النَّاسِ به، بأرْفَقِ ما يَقْدِرُ عليه. قال أحمدُ: تُغْمِضُ المَرْأَةُ عَيْنَيْه (٧) إذا كانتْ ذات مَحْرَمٍ له. وقال: يُكْرَهُ لِلْحائِضِ والجُنُبِ تَغْمِيضُه، وأن تَقْرَباهُ. وكَرِهَ ذلك عَلْقَمَةُ. ورُوِىَ نَحْوُه عن الشَّافِعِىِّ. وكَرِهَ الحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، وعَطاءٌ، أن يُغَسِّلَ الحائِضُ والجُنُبُ المَيِّتَ. ونحوَه (٨) قال مالِكٌ. وقال إسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ: يُغَسِّلُهُ الجُنُبُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجِسٍ" (٩). ولا نَعْلَمُ بينهم اخْتِلافًا في صِحَّةِ تَغْسِيلِهما وتَغْمِيضِهما له، ولكن الأوْلَى أن يكونَ المُتَولِّى لأُمُورِه، في تَغْمِيضِه وتَغْسِيلِه، طَاهِرًا، لأنَّه أكْمَلُ وأحْسَنُ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ المُسَارَعَةُ إلى تَجْهِيزِه إذا تُيُقِّنَ مَوْتُه؛ لأنَّه أَصْوَنُ له، وأحْفَظُ مِن أن يَتَغَيَّرَ، وتَصْعُبَ مُعَانَاتهُ (١٠). قال أحمدُ: كَرَامَةُ المَيِّتِ تَعْجِيلُه. وفيما رَوَى أبو دَاوُدَ (١١)، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنِّي لأُرَى طَلْحَةَ (١٢) قد حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ، فآذِنُونِى بِهِ، وعَجِّلُوا، فَإنَّه لا يَنْبَغِى لجِيفَةِ مُسْلِمٍ أنْ تُحْبَسَ بَيْنَ


(٦) سقط من: الأصل.
(٧) في أ، م: "عينه".
(٨) في أ، م: "وبه".
(٩) تقدم تخريجه في ١/ ٣٣.
(١٠) في أ، م: "معافاته".
(١١) في: باب التعجيل بالجنازة وكراهية حبسها، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٧٨.
(١٢) هو طلحة بن البراء، أنصارى له صحبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>