للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ، إن كان الطَّلاقُ يَقعُ عليكِ للسُّنَّةِ. وهى فى زمنِ السُّنَّةِ، طَلُقَتْ بوُجودِ الصِّفَةِ. وإن لم تكُنْ فى زمنِ السُّنَّةِ، انْحلتِ الصِّفَةُ، ولم يَقَعْ بحالٍ؛ لأنّ الشَّرْطَ ما وُجِدَ. وكذلك إن قال: أنتِ طالقٌ للبِدْعةِ، إن كان الطَّلاقُ يقَعُ عليكِ للبِدْعةِ. إن كانت فى زمنِ البِدْعةِ، وقعَ، وإلَّا لم يَقَعْ بحالٍ. فإن كانت مِمَّن لا سُنَّةَ لطلاقِها ولا بِدْعةَ، فذكَرَ القاضى فيها احْتمالَيْن؛ أحدهما، لا يَقعُ فى المسألتَيْنِ؛ لأنَّ الصِّفَةَ ما وُجِدَتْ، فأشْبَهَ ما لو قال: أنتِ طالقٌ، إن كُنتِ هاشِميَّةً. ولم تَكُنْ هاشِميَّةً. والثَّانى، تَطْلُقُ؛ لأنَّه شَرَطَ لوِقُوعِ الطَّلْقةِ شَرْطًا مُسْتحِيلًا، فلَغَى، ووَقعَ الطَّلاقُ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ. والأوَّلُ أشْبَهُ. وللشَّافعيَّةِ وَجْهانِ كهذيْنِ.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ أحسنَ الطَّلاقِ، أو أجْمَلَه، أو أعْدَلَه، أو أكْملَه، أو أتَمَّه، أو أفْضلَه، أو قال: طَلْقة حَسَنةً، أو جميلةً، أو عَدْلَةً، أو سُنِّيَّةً. كان ذلك كلُّه عبارةً عن طَلاقِ السُّنَّةِ. وبه قال الشَّافعىُّ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: إذا قال: أعْدلَ الطَّلاقِ أو أحْسنَه، ونحوَه، كقَوْلِنا. وإن قال: طَلْقةً سُنِّيةً أو عَدْلَةً. وقَعَ الطَّلاقُ فى الحالِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ لا يَتَّصِفُ بالوَقْتِ، والسُّنَّةُ والبِدْعةُ وقتٌ، فإذا وصفَها بما لا تَتَّصِفُ به، سقَطتِ الصِّفَةُ، كما لو قال لغيرِ المدخولِ بها: أنتِ طالقٌ طَلْقةً رجعيَّةً (٩). أو قال لها: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ والبِدْعةِ (١٠). ولَنا، أنَّ ذلك عبارةٌ عن طلاقِ السُّنَّةِ، ويَصِحُّ وَصْفُ الطَّلاقِ بالسُّنَّةِ والحُسْنِ؛ لكَوْنِه فى ذلك الوقتِ مُوافِقًا للسُّنَّةِ، مُطَابِقًا للشَّرْعِ، فهو كقولِه: أحْسَنَ الطَّلاقِ. وفارقَ قولَه: طَلْقةً (١١) رَجْعيَّةً؛ لأنَّ الرَّجْعةَ لا تَكونُ إلَّا فى عِدَّةٍ، ولا عِدَّةَ لها، فلا يَحْصُلُ ذلك بقولِه. فإن قال: نَويْتُ بقولِى: أعْدلَ الطَّلاقِ. وُقوعَه فى حالِ الحيضِ؛ لأنَّه أشْبَهُ بأخْلاقِها القَبِيحةِ، ولم أُرِدِ الوقتَ. وكانت فى الحَيْضِ، وقعَ الطَّلاقُ؛ لأنَّه إقْرارٌ على نفسِه بما فيه تغْلِيظٌ. وإن


(٩) فى ب، م بعد هذا زيادة: "أو قال لها: أنت طالق طلقة رجعية".
(١٠) فى أ: "أو للبدعة". وفى ب، م: "أو البدعة".
(١١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>