للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَى عن بَيْعِ الذَّهَبِ بالذَّهَبِ، والفِضَّةِ بالفِضَّةِ، والبُرِّ بِالبُرِّ، والشَّعِيرِ بالشَّعِيرِ، والمِلْحِ بالمِلْحِ، إلّا سواءً بسواءٍ، عَيْنًا بعَيْنٍ، فَمَن زادَ أو ازدادَ فقد أرْبَى. ورَوَى الأثْرَمُ (٢٧)، عن عَطَاءِ بن يَسارٍ، أنّ مُعاوِيَةَ باعَ سِقايَةً مِن ذَهَبٍ أو وَرِقٍ بأكْثَرَ مِن وَزْنِها، فقال أبو الدَّرْداءِ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَى عن مِثْلِ هذا إلّا مِثْلًا بمِثْلٍ. ثم قَدِمَ أبو الدَّرْداءِ على عُمَرَ بن الخَطّابِ، رَضِىَ اللهُ عنهما، فَذكَرَ له ذلك، فكَتَبَ عُمَرُ إلى مُعاوِيَةَ، لا تَبِعْ ذلك إلّا مِثْلًا بمِثْلٍ، وَزْنًا بوَزْنٍ (٢٨). ولأنَّهما تساويا فى الوَزْنِ، فلا يُؤَثِّرُ اخْتِلافُهما فى القِيمَةِ، كالجَيِّدِ والرَّدِىءِ. فأمّا إنْ قال لِصَائِغٍ: صُغْ لى خَاتَمًا وَزْنُه دِرْهَمٌ، وأُعْطِيك مِثْلَ وَزْنِه، وأُجْرَتَك دِرْهَمًا. فليس ذلك بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بدِرْهَمَيْنِ. وقال أصحابُنا: للصّائِغِ أخْذُ الدِّرْهَمَيْنِ؛ أحَدِهما فى مُقابَلَةِ الخاتَمِ، والثّانى أُجْرَةً له.

فصل: وكُلُّ ما حُرِّمَ فيه التَّفاضُلُ حُرِّمَ فيه النَّساءُ، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه. ويَحْرُمُ التَّفَرُّقُ قبلَ القَبْضِ؛ لقولِ النَّبىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "عَيْنًا بِعَيْنٍ" (٢٩). وقولِه: "يَدًا بِيَدٍ" (٣٠). ولأنّ تَحْرِيمَ النَّسَاءِ آكَدُ، ولذلك جَرَى فى الجِنْسَيْنِ المُخْتَلِفَيْنِ، فإذا حُرِّمَ التّفاضُلُ، فَالنَّساءُ أوْلَى بالتَّحْرِيمِ.

٧٠٥ - قال: (وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ فَجَائِزٌ التَّفَاضُلُ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً)

لا خِلافَ فى جَوازِ التَّفاضُل فى الجِنْسَيْنِ نَعْلَمُه، إلّا عن سعيدِ بن جُبَيْرٍ أنّه قال:


(٢٧) وأخرجه النسائى، فى: باب بيع الذهب بالذهب، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٤٥. والبيهقى، فى: باب تحريم التفاضل فى الجنس الواحد مما يجرى فيه الربا مع تحريم النساء، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٢٨٠. والإِمام مالك، فى: باب بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا، من كتاب البيوع. الموطأ ٣/ ٦٣٤.
(٢٨) أخرجه الإِمام مالك والبيهقى، فى الموضع السابق.
(٢٩) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٤.
(٣٠) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>