للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه لا يُمْكِنُ وُقُوعُه عنهما، وليس أحَدُهما بأَوْلَى من صَاحِبِه. وإن أحْرَمَ عن نَفْسِه وغيرِه، وَقَعَ عن نَفْسِه؛ لأنَّه إذا وَقَعَ عن نَفْسِه ولم يَنْوِهَا، فمَعَ نِيَّتِه أوْلَى. وإن أحْرَمَ عن أحَدِهما غيرَ مُعَيِّنٍ، [احْتَمَلَ أن يَقَعَ] (٢٩) عن نَفْسِه أيضا؛ لأنَّ أحَدَهما ليس أوْلَى من الآخَر، فأشْبَهَ ما لو أحْرَمَ عنهما. واحْتَمَلَ أن يَصِحَّ؛ لأنَّ الإِحْرَامَ يَصِحُّ بالمَجْهُولِ، فصَحَّ عن المَجْهُولِ، وله (٣٠) صَرْفُهُ إلى من شَاءَ منهما. اخْتَارَهُ أبو الخَطَّابِ. فإن لم يَفْعَلْ حتى طَافَ شَوْطًا، وَقَعَ عن نَفْسِه، ولم يَكُنْ له صَرْفُه إلى أحَدِهما؛ لأنَّ الطَّوَافَ لا يَقَعُ عن غيرِ مُعَيَّنٍ.

٥٤٠ - مسألة؛ قال: (وحُكْمُ المَرْأَةِ إذَا كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ كَحُكْمِ الرَّجُلِ)

ظَاهِرُ هذا أنَّ الحَجَّ لا يَجِبُ على المَرْأةِ التى لا مَحْرَمَ لها؛ لأنَّه جَعَلَهَا بالمَحْرَمِ كالرَّجُلِ فى وُجُوبِ الحَجِّ، فَمن لا مَحْرَمَ لها لا تكونُ كالرَّجُلِ، فلا يَجِبُ عليها الحَجُّ. وقد نَصَّ عليه أحمدُ، فقال أبو دَاوُدَ: قلتُ لأحمدَ: امْرَأَةٌ مُوسِرَةٌ، لم يكنْ لها مَحْرَمٌ، هل يَجِبُ (١) عليها الحَجُّ؟ قال: لا. وقال أيضا: المَحْرَمُ من السَّبِيلِ. وهذا قَوْلُ الحسنِ، والنَّخَعِىِّ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ، أنَّ المَحْرَمَ من شَرَائِطِ لُزُومِ السَّعْىِ دُونَ الوُجُوبِ، فمتى فاتَها الحَجُّ بعدَ كَمَالِ الشَّرائِطِ الخَمْسِ، بمَوْتٍ، أو مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُه، أخرج عنها حَجَّة؛ لأنَّ شُرُوطَ الحَجِّ المُخْتَصَّة به قد كَمَلَتْ، وإنَّما المَحْرَمُ لِحِفْظِها، فهو كَتَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ، وإمْكانِ المَسِيرِ. وعنه رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، أنَّ المَحْرَمَ ليس بِشَرْطٍ فى الحَجِّ الوَاجِبِ. قال الأثْرَمُ: سمعتُ أحمدَ يُسْأَلُ: هل يكونُ الرَّجُلُ مَحْرَمًا لأُمِّ امْرَأَتِه، يُخْرِجُها إلى الحَجِّ؟ فقال: أمَّا فى حَجَّةِ الفَرِيضَةِ


(٢٩) فى أ، ب: "وقع".
(٣٠) فى م: "وإلا".
(١) فى الأصل، أ، ب: "وجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>