للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأَرجُو؛ لأنَّها تَخْرُج إليها مع النِّساءِ، ومع كلِّ مَن أمِنَتْهُ، وأمَّا فى غيرها، فَلَا. والمذهبُ الأوَّلُ، وعليه العَمَلُ. وقال ابنُ سِيرِينَ، ومالِكٌ والأَوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ: ليسَ المَحْرَمُ شَرْطًا فى حَجِّها بحَالٍ. قال ابنُ سِيرينَ: تَخْرُجُ مع رَجُلٍ من المُسْلِمِينَ، لا بَأْسَ به. وقال مالِكٌ: تَخْرُجُ مع جَماعَةِ النِّسَاءِ. وقال الشَّافِعِىُّ: تَخْرُجُ مع حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ ثِقَةٍ. وقال الأوْزَاعِىُّ: تَخْرُجُ مع قَوْمٍ عُدُولٍ، تَتَّخِذُ سُلَّمًا تَصْعدُ عليه وتَنْزِلُ، ولا يَقْرَبُها رَجُلٌ، إلَّا أنه يَأْخُذُ رَأْسَ البَعِيرِ، وتَضَعُ رِجْلَها على ذِرَاعِه. قال ابنُ المُنْذِرِ: تَرَكُوا القَوْلَ بظَاهِرِ الحَدِيثِ، واشْتَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ منهم شَرْطًا لا حُجَّةَ معه عليه، واحْتَجُّوا بأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَّرَ الاسْتِطَاعَةَ بالزَّادِ والرَّاحِلَةِ (٢)، وقال لِعَدِىِّ بن حاتِمٍ: "يُوشِكُ أنْ تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ تَؤُمُّ البَيْتَ، لَا جِوَارَ مَعَها، لَا تَخَافُ إلَّا اللهَ" (٣). ولأنَّه سَفَرٌ واجِبٌ، فلم يُشْتَرَطْ له المَحْرَمُ، كالمُسْلِمَةِ إذا تَخَلَّصَتْ من أيْدِى الكُفَّارِ. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، إلَّا وَمَعَها ذُو مَحْرَمٍ" (٤). وعن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ، إلَّا وَمَعَها ذُو مَحْرَمٍ، ولَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَها ذُو مَحْرَمٍ". فقامَ رجلٌ فقال: يا رسولَ اللَّه، إنِّى كُنْتُ فى غَزْوَةِ كذا، وانْطَلَقَتْ امْرَأَتِى حَاجَّةً. فقال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "انْطَلِقْ فَاحْجُجْ مع امْرَأَتِكَ". مُتَّفَقٌ عليهما (٥). ورَوَى ابنُ عمرَ، وأبو سعيدٍ، نَحْوًا من حَدِيثِ أبى هُرَيْرَةَ (٦).


(٢) تقدمت الأحاديث فى صفحة ٩.
(٣) أخرجه البخارى، فى: باب علامات النبوة فى الإِسلام، من كتاب المناقب، صحيح البخارى ٤/ ٢٣٩. والترمذى، فى: باب تفسير سورة الفاتحة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى ١١/ ٧٢ - ٧٤. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٢٥٧، ٣٧٨.
(٤) تقدم فى ٣/ ١٠٩.
(٥) أخرجه البخارى، فى: باب حج النساء، من كتاب المحصر، وفى: باب من اكتتب فى جيش فخرجت امرأته حاجة، من كتاب الجهاد، وفى: باب لا يخلون رجل بامرأة. . .، من كتاب النكاح. صحيح البخارى ٣/ ٢٤، ٤/ ٧٢، ٧/ ٤٨. ومسلم، فى: باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٧٨. كما أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٢٢.
(٦) انظر تخريج الحديث فى ٣/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>