للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجُمُعَةِ، وإن شاءَ أنْ يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ كصلاةِ التَّطَوُّعِ. وهذا قولُ الأَوْزَاعِىِّ؛ لأنَّ ذلك تَطَوُّعٌ. وإنْ شاءَ صَلَّاهَا على صِفَةِ صلاةِ العِيدِ بِتَكْبِيرٍ. نَقَلَ ذلك عن أحمدَ إسماعِيلُ بن سعيد (٥)، واخْتَارَهُ الجُوزَجَانِىُّ. وهذا قولُ النَّخَعِىِّ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لما رُوِىَ عن أنَسٍ، أنَّه كان إذا لم يَشْهَد العِيدَ مع الإِمَامِ بالبَصْرَةِ جَمَعَ أهْلَه ومَوَالِيهِ، ثم قامَ عبدُ اللهِ بن أبي عُتْبَةَ مَوْلَاهُ فيُصَلِّى (٦) بهم رَكْعَتَيْنِ، يُكَبِّرُ فيهما (٧). ولأنَّه قَضاءُ صَلَاةٍ، فكان على صِفَتِها، كسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وهو مُخَيَّرٌ، إن شاءَ صَلَّاهَا وَحْدَه، وإن شَاءَ في جَمَاعَةٍ. قِيلَ لأبي عبدِ اللهِ: أَيْنَ يُصَلِّى؟ قال: إن شاءَ مَضَى إلى المُصَلَّى، وإن شاءَ حيثُ شاءَ.

فصل: وإن أدْرَكَ الإِمامَ في التَّشَهُّدِ جَلَسَ معه، فإذا سَلَّمَ الإِمامُ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، يَأْتِى فيهما بالتَّكْبِيرِ؛ لأنَّه أدْرَكَ بعضَ الصلاةِ التي ليستْ مُبْدَلَةً من أرْبَعٍ، فقَضَاها على صِفَتِها كسائِرِ الصَّلَوَاتِ. وإن أدْرَكَهُ في الخُطْبَةِ، فإن كان في المَسْجِدِ صَلَّى تَحِيَّةَ المسجدِ؛ لأنَّها إذا صُلِّيَتْ في خُطْبَةِ الجُمُعَةِ التي يَجِبُ الإِنْصاتُ لها، ففى خُطْبَةِ العِيدِ أوْلَى، ولا يَكُونُ حُكْمُه في تَرْكِ التَّحِيَّةِ حُكْمَ مَن أدْرَكَ العِيدَ. وقال القاضي: يَجْلِسُ فيَسْتَمِعُ الخُطْبَةَ، ولا يُصَلِّى؛ لئلَّا يَشْتَغِلَ بالصلاةِ عن اسْتِمَاعِ الخُطْبَةِ. وهذا التَّعْلِيلُ يَبْطُلُ بالدَّاخِلِ في خُطْبَةِ الجُمُعَةِ، فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ الدَّاخِلَ بالرُّكُوعِ، مع أنَّ خُطْبَةَ الجُمُعَةِ آكَدُ. فأمَّا إنْ لم يَكنْ في المَسْجِدِ، فإنَّه يَجْلِسُ فيَسْتَمِعُ، ثم إنْ أحَبَّ قَضَى صلاةَ العِيدِ، على ما ذَكَرْناهُ.


(٥) في أ، م: "سعد".
وهو الشالنجى، تقدمت ترجمته في ١/ ٣٧.
(٦) في م: "فصلى".
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الرجل تفوته الصلاة في العيد كم يصلى، من كتاب الصلوات. المصنف ٢/ ١٨٣. والبيهقي، في: باب صلاة العيدين سنة أهل الإسلام حيث كانوا، من كتاب العيدين. السنن الكبرى ٣/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>