للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصَاصًا؛ فإذا بلغَ، فثَبَتَ على رِدَّتِه، ثبتَ حُكْمُ الرِدَّةِ حِينَئِذٍ، فيُسْتَتابُ ثَلاثًا، فإن تابَ، وإلَّا قُتِلَ، سَواءٌ قُلْنا: إنَّه كان مُرْتَدًّا قبل بُلُوغِه أو لم نَقُلْ، وسَواءٌ (٢) كان مسلمًا أَصْلِيًّا فأرْتَدَّ، أو كان كافِرًا فأسْلَمَ صَبِيًّا ثم ارْتَدَّ.

١٥٤٥ - مسألة؛ قال: (وَإذَا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ، ولَحِقَا بدَارِ الْحَرْبِ، لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى أحَدٍ مِنْ أوْلادِهِما مِمَّنْ كَانُوا قَبْلَ الرِّدَّةِ رِقٌّ)

وجملتُه أنَّ الرِّقَّ لا يَجْرِى على المُرْتَدِّ، سَواءٌ كان رجلًا أو امرأةً، وسواءٌ لَحِقَ بدارِ الحَرْبِ أو أقامَ بدارِ الإِسلامِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا لَحِقَتِ المُرْتَدَّةُ بدارِ الحربِ، جازَ اسْتِرْقاقُها؛ لأنَّ أبا بكرٍ سَبَى بنى حنيفةَ، واسْتَرقَّ نساءَهمْ، وأمُّ محمدِ ابنِ الحنفيَّةِ من سَبْيِهم. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" (١). ولأنَّه لا يجوزُ إقْرارُه على كُفْرِه، فلم يَجُزِ اسْتِرْقاقُه كالرجلِ، ولم يثبتْ أنَّ الذين سَباهُم أبو بكرٍ كانوا أسْلَمُوا، ولا ثَبَتَ لهم حُكْمُ الرِّدَّةِ. فإن قِيل: فقد رُوِىَ عن عَلِىٍّ أنَّ المُرْتَدَّةَ تُسْبَى (٢). قُلْنا: هذا الحديثُ ضعيفٌ، ضَعَّفَهُ أحمدُ. فأمَّا أولادُ المُرتَدِّينَ (٣)، فإن كانُوا وُلِدُوا قبلَ الرِّدَّةِ، فإنَّهم مَحْكُومٌ بإسْلامِهم تَبَعًا لآبَائِهِم، ولا يَتْبَعُونَهم في الرِّدَّةِ؛ لأنَّ الإِسلامَ يعْلُو، وقد تَبِعُوهُمْ فيه، فلا يَتْبَعُونَهم في الكُفْرِ، فلا يجوزُ اسْتِرْقاقُهم صِغارًا؛ لأنهم مسلمون، ولا كبارًا؛ لأنَّهم إن ثَبَتُوا على إسْلامِهم بعدَ كُفْرِهِم فهم مسلمون، وإن كَفَرُوا فهم مُرْتَدُّون، حُكْمُهُم حُكْمُ آبائِهِم في الاسْتِتابَةِ، وتَحْريمِ الاسْتِرْقاقِ. وأمَّا مَنْ حَدَثَ بعدَ الرِّدَّةِ، فهو محكومٌ بكفرِه، لأنَّه وُلِدَ بينَ أَبَوَيْنِ


(٢) سقطت الواو من: ب، م.
(١) تقدم تخريجه، في: ٩/ ٥٥٠.
(٢) انظر: ما أخرجه عبد الرزاق، في: باب في الكفر بعد الإِيمان، من كتاب اللقطة. المصنف ١٠/ ١٧١. وابن أبى شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يسلم ثم يرتد، من كتاب الجهاد. المصنف ٢/ ٢٦٧، والبيهقي، في: باب ما جاء في سبى ذرية المرتدين، من كتاب المرتد. السنن الكبرى ٨/ ٢٠٨.
(٣) في ب: "المرتدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>