للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنْكَرَ ذلك، لم يكُنْ لها المُطالبةُ بضرْبِ مُدَّةِ العُنَّةِ، لاعْترافِها بِعَدَمِ عُنَّتِه، والقولُ قولُه فى عَدَمِ الإِصابةِ.

١٣٠٢ - مسألة؛ قال: (فَمَتَى قَدَرَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، أُمِرَ بالطَّلَاقِ)

وجملةُ الأمرِ أَنَّ المُولِىَ إذا وُقِفَ، وطولِبَ بالْفَيْئةِ وهو قادرٌ عليها، فلم يفْعَلْ، أُمِرَ بالطَّلاقِ. وهذا قولُ كلِّ مَنْ يقولُ: يُوقَفُ المُولِى؛ لِأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (١). فإذا امتنع مِن أداءِ الواجبِ عليه، فقد امتنعَ مِن الإِمْساكِ بالمعروفِ، فَيُؤْمَرُ بالتَّسْريحِ بالإِحْسانِ. وإِنْ كان مَعْذورًا، ففاءَ بلسانِه، ثم قَدَرَ على الوَطْءِ، أُمِرَ به، فإنْ فعلَ، وإلَّا أُمِرَ بالطَّلاقِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو بكرٍ: إذا فاءَ بلسانِه، لم يُطالَبْ بالفيئةِ مرَّةً أُخْرَى، وخَرَجَ من الإِيلاءِ. وهو قَوْلُ الحسنِ، وعِكْرِمَةَ، والأوْزاعِىِّ؛ لِأنَّه فاءَ مَرَّةً، فخَرَجَ من الإِيلاءِ، ولم تَلْزَمْه فَيْئةٌ ثانيةٌ، كما لو فاءَ بالوَطْءِ. وقال أبو حَنِيفَةَ: تُسْتَأنَفُ له مدَّةُ الإِيلاءِ؛ لِأنَّه وَفَّاها حقَّها بما أَمْكَنَه من الفَيْئَةِ، فلا يُطالَبُ إلَّا بعدَ اسْتِئْنافِ مُدَّةِ الإِيلاءِ، كما لو طَلَّقَها. ولَنا، أنَّه أَخَّرَ حقَّها لِعجزِه عنه، فإذا قدَرَ عليه، لَزِمَه أن يوفِّيَها إيَّاهُ، كالدَّيْنِ على المُعْسِرِ إذا قَدَرَ عليه. وما ذكروه فليس بحقِّها، ولا يزُولُ الضَّرَرُ عنها به، وإنَّما وَعَدَها بالوفاءِ، ولَزِمَها الصَّبْرُ عليه وإنْظارُه (٢) كالغريمِ المُعْسرِ.

فصل: وليس على مَنْ فاءَ بلسانِه كفَّارةٌ، ولا حِنْثٌ؛ لِأنَّه لم يفعل المَحْلوفَ عليه، وإنَّما وَعَدَ بفعلِه، فهو كَمَنْ عليه دَيْنٌ حَلَفَ أن لا يُوَفِّيَه، ثمَّ أَعْسَرَ به، فقال: متى قَدَرْتُ وَفَّيْتُه.


(١) سورة البقرة ٢٢٩.
(٢) فى م: "وإنكاره" تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>