للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للكفَّارةِ، فلم يَثْبُتْ حُكْمُه بغيرِ الصَّريحِ، كاليمينِ باللَّهِ تعالَى.

فصل: يُكْرَهُ أَنْ يُسَمِّىَ الرَّجُلُ امرأتَه بِمَنْ تَحْرُمُ عليه، كأُمِّه، أو أُخْتِه، أو بِنْتِه؛ لما رَوَى أبو دَاوُدَ (٣٦)، بإسْنادِه عن أبى تَمِيمَةَ الهُجَيْمِىِّ، أَنَّ رَجُلًا قال لامرأتِه: يا أُخَيَّةُ. فقال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُخْتُكَ هِىَ! ". فَكَرِهَ ذلك، ونَهَى عنه. ولأنَّه لَفْظٌ يُشْبِهُ لَفْظَ الظِّهارِ. ولا تَحْرُمُ بهذا، ولا يَثْبُتُ حُكْمُ الظِّهارِ؛ فإنَّ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقُلْ له: حَرُمَتْ عليك. ولأنَّ هذا اللَّفْظَ ليس بصَرِيحٍ فى الظِّهار ولا نَوَاه به (٣٧)، فلا يَثْبُتُ التَّحْريمُ. وفى الحديثِ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَنَّ إبراهيمَ عليه السَّلامُ أَرْسَلَ إليه جَبَّارٌ، فَسَأَلَه عنها -يَعْنِى عنْ سَارَةَ- فَقَالَ: إنَّها أُخْتِى (٣٨). وَلَمْ يَعُدَّ ذلك ظِهارًا.

الفصلُ الخامِسُ: أَنَّ المُظاهِرَ يَحْرُمُ عليه وَطْءُ امرأتِه قبلَ أَنْ يُكَفِّرَ. وليس فى ذلك اختلافٌ إذا كانت الكفَّارةُ عِتْقًا أو صَوْمًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (٣٩). وقَوْلِه سُبْحانَه: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (٣٩) وأكثرُ أهلِ العلمِ على أَنَّ التَّكْفِيرَ بالإِطْعامِ مِثْلُ ذلك، وأنَّه يَحْرُمُ وَطْؤُها قبل التَّكْفِيرِ؛ منهم عطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وذَهَبَ أبو ثورٍ إلى إباحةِ الجِماعِ قبل التَّكْفِيرِ بالإِطعامِ. وعن أحمدَ ما يَقْتَضِى ذلك؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى لم يمْنَعِ المَسِيسَ قَبْلَه، كما فى العِتْقِ والصِّيامِ. ولَنا، ما رَوَى عِكْرِمَةُ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا أتَى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ اللَّه، إنِّى تَظاهَرْتُ من امرأتِى، فَوَقَعْتُ عليها قبلَ أَنْ أُكَفِّرَ. فقال: "ما حَمَلَكَ عَلَى ذلِكَ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ " قال: رأيتُ خُلْخَالَهَا فى ضَوْءِ القَمَرِ. قال: "فَلَا تَقْرَبْها حتَّى تَفْعَلَ مَا أمَرَكَ (٤٠) اللَّهُ". رَواه أبو داوُدَ،


(٣٦) فى: باب فى الرجل يقول لامرأته: يا أختى، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٢.
(٣٧) فى ب: "له".
(٣٨) تقدم تخريجه فى: ٩/ ٥١٤. عند قول أبى هريرة: تلك أمكم يا بنى ماء السماء.
(٣٩) سورة المجادلة ٣، ٤.
(٤٠) فى أ: "أمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>