للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُبَيْح - يعني حَدِيثَ أبى سَعِيدٍ - ثم ذكر رُبَيْحًا، أي مَنْ هُوَ؟ ومَنْ أبُوهُ؟ فقال: يعني الذي يَرْوِى حَدِيثَ سَعِيدِ بن زَيْدٍ. يعني أنهم مَجْهُولُونَ، وضَعَّفَ إسْنادَهُ. وإن صَحَّ ذلك فَيُحْمَلُ على تأْكِيدِ الاسْتِحْبابِ ونَفْىِ الكَمَالِ بِدُونِها، كقَوْلِه: "لا صَلَاةَ لِجَارِ المَسْجِدِ إلا في المَسْجِدِ" (٨)

فصل: وإن قُلْنَا بِوُجُوبِها فتَرَكَها عَمْدًا، لم تَصِحّ طَهَارَتُه، لأنه تَرَكَ واجِبًا في الطَّهَارَةِ، أَشْبَه ما لو تَرَكَ النِّيَّةَ. وإن تَرَكَها سَهْوًا صَحَّتْ طَهَارَتُه. نَصَّ عليه أحمدُ في روايةِ أبي داود؛ فإنه قال: سألتُ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ: إذا نَسِىَ التَّسْمِيةَ في الوُضُوءِ؟ قال: أَرْجُو أن لا يَكُونَ عَلَيْهِ شيءٌ. وهذا قولُ إسحاق، فعَلَى هذا إذا ذَكَرها (٩) في أثناءِ طَهارَتِه أتَى بها حَيْثُ ذَكَرَها؛ لأنَّه لَمَّا عُفِىَ عنها مع السَّهْوِ في جُمْلَةِ الوُضُوءِ فَفِى بَعْضِه أَوْلَى. وإن تَرَكَهَا عَمْدًا حتى غَسَلَ عُضْوًا لم يعْتدَّ بغَسْلِه؛ لأنه لم يَذْكُر اسْمَ اللهِ عليه مع العَمْدِ. وقال الشيخُ أبو الفَرَج: إذا سَمَّى في أثناءِ الوُضُوءِ أَجْزَأهُ. يَعْنِى عَلَى كُلِّ حالٍ؛ لأنه قد ذَكَرَ اسْمَ اللَّه على وُضُوئِهِ. وقال بَعْضُ أصحابِنَا: لا تَسْقُطُ بالسَّهْوِ لِعُمُومِ الخَبَرِ، وقِيَاسًا لها (١٠) على سائرِ الوَاجِباتِ. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِقَوْلِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عُفِىَ لأُمَّتِى عَنِ الخَطَأ والنِّسْيَانِ (١١) "، ولأنَّ الوُضُوءَ عِبادَةٌ تَتَغايَرُ أَفْعَالُها، فكانَ في واجِبَاتِها ما يَسْقُطُ بالسَّهْوِ كالصلاةِ، ولا يَصِحُّ قِياسُها على سائِرِ واجِباتِ الطهَارةِ؛ لأن تلك تأَكَّدَ وُجوبُها، بخِلَافِ التَّسْمِيةِ.

إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ التَّسْمِيةَ هي قَوْلُ "بسْمِ اللهِ" لا يَقُومُ غَيْرُها مَقَامها، كالتَّسْمِيةِ المَشْرُوعةِ على الذَّبِيحةِ، وعند أَكْلِ الطَّعامِ وشُرْبِ الشَّرَابِ، ومَوْضِعُها [بعدَ النِّيَّةِ قبلَ أَفْعالِ الطَّهارةِ كُلِّها؛ لأن التَّسْمِيةَ قَوْلٌ وَاجِبٌ في الطَّهارةِ، فيكونُ] (١٢)


(٨) يأتى في الفصل الثالث من باب الإمامة.
(٩) في م: "ذكر".
(١٠) من هنا إلى آخر قوله "ولا يصح قياسها" الآتى، سقط من: الأصل.
(١١) أخرجه ابن ماجه، في: باب طلاق المكره والناسى، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٥٩. وقد بين الزيلعي طرقه، ومن أخرجه، بتفصيل واف، في: نصب الراية ٢/ ٦٤ - ٦٦.
(١٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>