للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٢٩ - مسألة؛ قال: (فَإِنْ جُهِلَ (١) الأَوَّلُ مِنْهُمَا، فُسِخَ النِّكَاحَانِ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا جُهِلَ الأوَّلُ منهما، فلا فَرْقَ بين أن لا يُعْلَمَ كَيْفِيَّةُ وُقُوعِهِما، أو يُعْلَمَ أَنَّ أحَدَهما قَبْلَ الآخَرِ لا بِعَيْنِه، أو يُعْلَمَ بعَيْنِه ثم يُشَكَّ (٢)، فالحكمُ فى جَمِيعِها واحدٌ، وهو أن يَفْسَخَ الحاكمُ النِّكاحَيْنِ جميعًا. نَصَّ عليه أحمدُ، فى رِوايةِ الجماعةِ. ثم تَتَزَوَّجُ مَنْ شاءت منهما أو من غيرهِما. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ. وعن أحمدَ روايةٌ أُخْرَى، أنَّه يُقْرَعُ بينهما، فمَن تَقَعُ له القُرْعةُ أُمِرَ صاحِبُه بالطَّلاقِ، ثم يُجَدِّدُ القارِعُ نِكاحَه، فإن كانت زَوْجَتَه (٣)، لم يُضِرْهُ تَجْدِيدُ النِّكاحِ شيئا، وإن كانت زَوْجةَ الآخَرِ، بانَتْ منه (٤) بطَلاقِه، وصارت زَوْجةَ هذا بعَقْدِه الثانى؛ لأنَّ القُرْعةَ تَدَخُّلٌ بِتَمَيُّزِ (٥) الحُقُوقِ (٦) عندَ التَّسَاوِى، كالسَّفَرِ بإحدى نِسائِه، والبَداءةِ بالمَبِيتِ عند إحْداهُنَّ، وتَعْيِينِ الأنْصِباءِ فى القِسْمةِ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو ثَوْرٍ: يُجْبِرُهُما السُّلْطانُ على أن يُطَلِّقَ كلُّ واحدٍ منهما طَلْقةً، فإن أبَيَا فَرَّقَ بينهما. وهذا قريبٌ من قَوْلِنا الأوَّلِ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ إمْضاءُ العَقْدِ الصحيحِ، فوَجَبَ إزالةُ الضَّرَرِ بالتَّفْرِيقِ. وقال الشافعىُّ، وابنُ الْمُنْذِرِ: النِّكاحُ مَفْسوخٌ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ إمضاؤه. وهذا لا يَصِحُّ؛ فإنَّ العقدَ الصحيحَ لا يَبْطُلُ بمُجَرَّدِ إشْكالِه، كما لو اخْتَلَفَ المُتَبايِعانِ فى قَدْرِ الثَّمَنِ، فإنَّ العَقْدَ لا يَزُولُ إلَّا بِفَسْخِه، كذا ههُنا. [وقد رُوِىَ] (٧) عن شُرَيْحٍ، وعمرَ بن عبدِ العزيزِ، وحَمَّادِ بن أبى سليمان، أَنَّها تُخَيَّرُ، فأيَّهما اخْتارَتْه فهو زَوْجُها. وهذا غيرُ صحيحٍ؛ فإنَّ أحدَهما ليس بزَوْجٍ لها، فلم تُخَيَّرْ بينهما، كما لو لم يَعْقِدْ إلَّا أحَدُهما، أو (٨) كما لو أشْكَلَ على الرَّجُلِ


(١) فى أ، ب زيادة: "من".
(٢) فى الأصل، أ، ب: "تشكك".
(٣) فى الأصل: "زوجه".
(٤) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٥) فى م: "التمييز".
(٦) فى م: "بالحقوق".
(٧) فى الأصل، أ: "وروى".
(٨) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>