للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَهَى عن بَيْعٍ، وشَرْطٍ. إنَّما الصَّحِيحُ أنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن شَرْطَيْنِ فى بَيْعٍ. كذا ذَكَرَه التِّرْمِذِيُّ (٩). وهذا دالٌّ بِمَفْهُومِه على جوازِ الشَّرْطِ الواحِدِ. قال أحمدُ: إنَّما النَّهْىُ عن شَرْطَيْنِ فى بَيْعٍ، أمّا الشَّرْطُ الواحِدُ فلا بَأْسَ به.

فصل: ولا بُدَّ مِن كَوْنِ المَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً لهما، لِيَصِحَّ اشْتِراطُها، لأنَّنا نَزَّلْنَا ذلك مَنْزِلَةَ الإجارَةِ. فلو اشْتَرَطَ حَمْلَ الحَطَبِ إلى مَنْزِلِه، والبائِعُ لا يَعْرِفُ مَنْزِلَه، لم يَصِحَّ. ولو اشْتَرَطَ حَذْوَها نَعْلًا، فلا بُدَّ مِن مَعْرِفَةِ صِفَتِها، كما لو اسْتَأْجَرَه على ذلك ابْتداءً. قال أحمدُ، فى الرَّجُلِ يَشْتَرِى النَّعْلَ، على أنْ يَحْذُوَها: جائِزٌ إذا أرادَ (١٠) الشِّراكَ. وإنْ تَعَذَّرَ العَمَلُ بِتَلَفِ المَبِيعِ قبلَه، أو بِمَوْتِ البائِعِ انْفَسَخَتِ الإِجارَةُ، ورَجَعَ المُشْتَرِى عليه بِعِوَضٍ ذلك. وإنْ تَعَذَّرَ بمَرَضٍ أُقِيمَ مُقَامَه مَن يَعْمَلُ العَمَلَ، والأُجْرَةُ عليه، كَقَوْلِنا فى الإِجارَةِ.

فصل: ويَصِحُّ أنْ يَشْتَرِطَ البائِعُ نَفْعَ المَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، مِثْلُ أنْ يَبِيعَ دارًا، ويَسْتَثْنِىَ سُكْنَاها شَهْرًا، أو جَمَلًا، ويَشْتَرِطَ ظَهْرَه إلى مكانٍ مَعْلُومٍ، أو عَبْدًا، ويَسْتَثْنِىَ خِدْمَتَه سَنَةً. نَصَّ على هذا أحمدُ. وهو قولُ الأوْزاعِيِّ، وإسْحاقَ، وأبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ، وقال الشَّافِعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْى: لا يَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لِنَهْىِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بَيْعٍ وشَرْطٍ، ولأنَّه يُنافِى مُقْتَضَى البَيْعِ، فأشْبَه ما لو شَرَطَ أن


= فى: باب البيوع المنهى عنها، من كتاب البيوع ١/ ٣٩٨، ونصب الراية ٤/ ١٧، فى: باب البيع الفاسد، من كتاب البيوع. والمطالب العالية فى: باب ما نهى عنه من البيوع، من كتاب البيوع.
(٩) فى: باب ما جاء فى كراهية بيع ما ليس عندك، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٤٣.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الرجل يبيع ما ليس عنده، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٥٤. والنسائى، فى: باب سلف وبيع وهو أن يبيع السلعة على أن يسلفه سلفا، وباب شرطان فى بيع ... ، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٥٩. والدارمى، فى: باب فى النهى عن شرطين فى بيع، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٥٣. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١٧٩.
(١٠) فى الأصل: "أراه".

<<  <  ج: ص:  >  >>