للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِكٍ، ومنهم مَن قال: الاعْتِبَارُ بغالِبِ قُوتِ المُخْرِجِ، ثم إنْ عَدَلَ عن الواجِبِ إلى أعلى منه، جازَ، وإن عَدَلَ إلى دُونِه، ففيه قَوْلَانِ؛ أحَدُهما، يجوزُ؛ لِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "اغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ" (٣). والغِنَى يَحْصُلُ بالقُوتِ. والثانى، لا يجوزُ؛ لأنَّه عَدَلَ عن الوَاجِبِ إلى أَدْنَى منه، فلم يُجْزِئْهُ، كما لو عَدَلَ عن الواجِبِ فى زَكاةِ المالِ إلى أدْنَى منه. ولَنا، أن النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَضَ صَدَقَةَ الفِطْرِ أجْنَاسًا مَعْدُودَةً، فلم يَجُزِ العُدُولُ عنها، كما لو أخْرَجَ القِيمَةَ، وذلك (٤) لأنَّ ذِكْرَ الأجْنَاسِ بعدَ ذِكْرِ (٥) الفَرْضِ تَفْسِيرٌ لِلْمَفْرُوضِ، فما أُضِيفَ إلى المُفَسَّرِ يَتَعَلَّقُ بالتَّفْسِيرِ، فتكونُ هذه الأجْناسُ مَفْرُوضَةً فيتَعَيَّن الإِخْراجُ منها، ولأنَّه إذا أخْرَجَ غيرَها عَدَلَ عن المَنْصُوصِ عليه، فلم يُجْزِ، كإخْراجِ القِيمَةِ، وكما لو أخْرَجَ عن زَكَاةِ المالِ مِن غيرِ جِنْسِه، والإِغْناءُ يَحْصُلُ بالإخْرَاجِ من المَنْصُوصِ عليه، فلا مُنَافَاةَ بين الخَبَرَيْنِ؛ لِكَوْنِهما جَمِيعًا يَدُلَّانِ على وُجُوبِ الإغْناءِ، بأدَاءِ أحَدِ الأجْناسِ المَفْرُوضَةِ.

فصل: والسُّلْتُ نَوْعٌ من الشَّعِيرِ، فيجوزُ إخْرَاجُه؛ لِدُخُولِه فى المَنْصُوصِ عليه، وقد صُرِّحَ بذِكْرِه فى بعضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ ابنِ عمرَ، قال: كان النَّاسُ يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الفِطْرِ فى عَهْدِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صَاعًا من شَعِيرٍ، [أو صَاعًا من أقِطٍ] (٦)، أو صَاعًا من سُلْتٍ. وعن أبى سَعِيدٍ، قال: لم نُخْرِجْ على عَهْدِ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَّا صَاعًا من تَمْرٍ، أو صَاعًا من شَعِيرٍ، أو صَاعًا من زَبِيبٍ، أو صَاعًا من دَقِيقٍ، أو صَاعًا من أقِطٍ، أو صَاعًا من سُلْتٍ. قال: ثم شَكَّ فيه سفيانُ بعدُ،


(٣) أخرجه الدارقطنى، فى: باب زكاة الفطر، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١٥٢. والبيهقى، فى: باب وقت إخراج زكاة الفطر، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٧٥.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) فى ب، م: "ذكره".
(٦) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>