للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٩٢ - مسألة؛ قال: (والْغَارِمِينَ)

وهم المَدِينُونَ العاجِزُونَ عن وَفاءِ دُيُونِهِم (١). هذا الصِّنْفُ السادسُ من أصْنافِ مَصارِفِ (٢) الزَّكاةِ. ولا خلافَ فى اسْتِحْقاتِهِم، وثُبُوتِ سَهْمِهِم، وأنَّ المَدِينينَ العاجزِينَ عن وفاءِ دُيونِهِم منهم، لكنْ إن غَرِمَ فى مَعْصِيةٍ، مثل أن يَشْتَرِىَ خَمْرًا، أو يَصْرِفَه فى زِناءٍ أو قمارٍ أو غِنَاءٍ ونحوِه، لم يُدْفَعْ إليه قبلَ التَّوْبةِ شىءٌ؛ لأنَّه إعانةٌ على المَعْصِيةِ، وإن تابَ، فقال القاضى: يُدْفَعُ إليه. واختارَه ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّ إيَفاءَ (٣) الدَّيْنِ الذى فى الذِّمّةِ ليس من المَعْصِيةِ، بل يجبُ تَفْرِيغُها، والإِعانةُ على الواجِبِ قُرْبةٌ لا مَعْصِية، فأشْبَهَ مَن أتْلَفَ مالَه فى المعاصِى حتى افْتَقَرَ، فإنَّه يُدْفَعُ إليه من سَهْمِ الفُقراءِ. وفيه وَجْهٌ آخرُ، لا يُدْفَعُ إليه؛ لأنَّه اسْتَدانَه للمَعْصِيةِ، فلم يُدْفَعْ إليه، كما لو لم يَتُبْ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ أن يَعُودَ إلى الاسْتِدانةِ للمعاصِى، ثِقَةً منه بأنَّ دَيْنَه يُقْضَى، بخلافِ مَن أتْلَفَ مالَه فى المعاصِى، فإنه يُعْطَى لِفَقْرِه، لا لِمَعْصِيَتِه.

فصل: ولا يُدْفَعُ إلى غارمٍ كافرٍ؛ لأنَّه ليس من أهلِ الزَّكاةِ، ولذلك لا يُدْفَعُ إلى فقيرِهم ولا مُكاتَبِهِم. وإن كان من ذوِى القُربَى، فقال أصحابُنا: يجوزُ الدّفْعُ إليه؛ لأنَّ عِلَّةَ مَنْعِه من الأخذِ منها لِفَقْرِه صِيَانَتُه (٤) عن أكْلِها، لكَوْنِها أوْساخَ الناسِ، وإذا أخَذَها لغُرْمِه، فصَرَفَها إلى الغُرَماءِ، فلا يَنَالُه دَنَاءَةُ وَسَخِها، ويَحْتَمِلُ أن لا يجوزَ؛ لعُمُومِ النُّصُوص فى مَنْعِهِم من أخذِها، وكَوْنِها لا تَحِلُّ لهم، ولأنَّ دَناءةَ أخْذِها تَحْصُلُ، سواءٌ أكَلَها أو لم يَأْكُلْها، ولا يُدْفَعُ منها (٥) إلى غارِمٍ له ما يَقْضِى به غُرْمَه؛ لأنَّ الدَّفْعَ إليه لحاجَتِه، وهو مُسْتَغْنٍ عنها.


(١) فى الأصل، أ: "دينهم".
(٢) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٣) فى م: "إبقاء".
(٤) فى ب، م: "صيانة".
(٥) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>