أسْلَمُوا. ولَنا، أنَّه بَدَلٌ لا تلْزَمُ الإِجابَةُ إليه، فلم يحْرُمْ قَتْلُهم، كبَدَلِ عَبَدَةِ الأَوْثانِ.
فصل: وإذا أُسِرَ العبْدُ صارَ رقِيقًا للمسلمين؛ لأنَّه مالٌ لهم اسْتُولِىَ عليه، فكان للغانِمين، كالبَهِيمةِ، وإنْ رأَى الإِمامُ قَتْلَه لضَرَرٍ في بقائِه، جازَ قَتْلُه؛ لأنَّ مثلَ هذا لا قِيمَةَ له، فهو كالمُرْتَدِّ، وأمَّا مَنْ يحْرُمُ قَتْلُهم غيرَ النِّساءِ والصِّبْيان، كالشَّيْخِ والزَّمِنِ والأَعْمَى والرّاهِبِ، فلا يحِلُّ سَبْيُهم؛ لأنَّ قَتْلَهم حرامٌ، ولا نَفْعَ في اقْتِنائِهم.
فصل: ذَكَرَ أبو بكرٍ أنَّ الكافِرَ إذا كان مَوْلَى مُسْلمٍ، لم يَجُزْ اسْتِرْقاقُه؛ لأنَّ في اسْتِرْقاقِه تَفْويتَ ولاءِ المُسْلِم المَعْصُومِ. وعلى قولِه، لا يُسْتَرَقُّ ولدُه أيضًا إذا كان عليه ولاءٌ؛ لذلك. وإنْ كان مُعْتِقُهُ ذِمِّيًّا، جازَ اسْتِرْقاقُه؛ لأنَّ سيِّدَه يجوزُ اسْتِرْقاقُه، فاسْتِرْقاقُ مَوْلاهُ أوْلَى. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِىّ جوازُ استرقاقِه؛ لأنَّه يجوزُ قَتْلُه، وهو من أهلِ الكتابِ، فجازَ استرقاقُه، كغيرِه، ولأنَّ سببَ جوازِ الاسْتِرْقاقِ قد تحقَّقَ فيه، وهو الاسْتِيلاءُ عليه، مع كونِ مَصْلحةِ المسلمين في اسْتِرْقاقِه، ولأنَّه إنْ كان المَسْبِىُّ امرأةً أو صَبِيًّا، لم يجُزْ فيه سِوَى الاسْتِرْقاقِ، فيتعيَّنُ ذلك فيه. وما ذكرَه يَبْطُل بالقَتْلِ؛ فإنَّه يُفَوِّتُ الولاءَ، وهو جائِزٌ فيه، وكذلك مَنْ عليه ولاءٌ لذِمِّىٍّ يجوزُ استرقاقُه. وقولُهم: إنَّ سيِّدَه يجوزُ استرقاقُه. غيرُ صحيحٍ؛ فإنَّ الذِّمِّىَّ لا يجوزُ اسْتِرْقاقُه، ولا تَفْوِيتُ حُقوقِه، وقد قال علىٌّ، رَضِىَ اللَّه عنه: إنَّما بذلُوا الجِزْيَةَ لتكونَ دماؤُهم كدِمائِنا، وأموالُهم كأمْوالِنا (٢٠).
يعني مَن صارَ منهم رقيقًا بضَرْبِ الرِّقِّ عليه، أو فُودِىَ بمالٍ، فهو كسائرِ الغنيمَةِ، يُخَمَّسُ ثم يُقْسَمُ أربعةُ أخْماسِه بين الغانِمين. لا نعلمُ في هذا خلافًا، فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-