كان أو دَيْنًا، وسواءٌ كان مثلَ الثَّمَنِ أو أقَلَّ أو أكْثَرَ. قال الْبَتِّيُّ: إذا باعَ عَبْدًا (٣) بأَلْفِ دِرْهَمٍ، ومعه أَلْفُ دِرْهَمٍ، فالبَيْعُ جَائِزٌ إذا كانتْ رَغْبَةُ المُبْتَاعِ في العَبْدِ لا في الدَّرَاهِمِ؛ وذلك لأنَّه دَخَلَ في البَيْعِ تَبَعًا غيرَ مَقْصُودٍ، فأشْبَه أسَاساتِ الحِيطَانِ، والتَّمْوِيهَ بالذَّهَبِ في السُّقُوفِ، فأمَّا إن كان المالُ مَقْصُودًا بالشِّرَاءِ، جازَ اشْتِرَاطُه إذا وُجِدَتْ فيه شَرَائِطُ البَيْعِ، من العِلْمِ به، وأن لا يكونَ بينه وبين الثَّمَنِ رِبًا، كما يُعْتَبرُ ذلك في العَيْنَيْنِ المَبِيعَتَيْنِ؛ لأنه مَبِيعٌ مَقْصُودٌ، فأشْبَه ما لو ضَمَّ إلى العَبْدِ عَيْنًا أخرى وبَاعَهما. وقال القاضِي: هذا يَنْبَنِي على كَوْنِ العَبْدِ يَمْلِكُ أو لا يَمْلِكُ، فإن قُلْنا: لا يَمْلِكُ. فاشْتَرَطَ المُشْتَرِى مَالَهُ صارَ مَبِيعًا معه، فاشْتُرِطَ فيه ما يُشْتَرَطُ في سَائِرِ المَبِيعَاتِ. وهذا مذهبُ أبي حنيفةَ. وإن قُلْنا: يَمْلِكُ. احْتُمِلَتْ فيه الجَهَالَةُ وغيرُها ممَّا ذَكَرْنَا من قبلُ؛ لأنَّه تَبَعٌ في البَيْعِ لا أصْلٌ، فأشْبَهَ طَيَّ الآبارِ. وهذا خِلَافُ نَصّ أحمدَ وقولِ الخِرَقِيّ؛ لأنَّهما جَعَلَا الشَّرْطَ الذي يَخْتَلِفُ الحُكْمُ به قَصْدَ المُشْتَرِى دُونَ غيرِه، وهو أصَحُّ إن شاء اللهُ تعالى، واحْتِمَالُ الجَهَالَةِ فيه لِكَوْنِه غيرَ مَقْصُودٍ، كما ذَكَرْنا، كاللَّبَنِ في ضَرْعِ الشَّاةِ المَبِيعَةِ، والحَمْلِ في بَطْنِها، والصُّوفِ على ظَهْرِهَا، وأشْبَاهِ ذلك، فإنَّه مَبِيعٌ، ويَحْتَمِلُ فيه الجَهَالَةَ وغيرَها، لما ذَكَرْنا. وقد قيل: إنَّ المالَ ليس بمَبِيعٍ هاهُنا، وإنَّما اسْتَبْقَاهُ المُشْتَرِي على مِلْكِ العَبْدِ لا يَزُولُ عنه إلى البائِعِ. وهو قَرِيبٌ من الأَوَّلِ.
فصل: وإذا اشْتَرَى عَبْدًا، واشْتَرَطَ مَالَه، ثم رَدَّ العَبْدَ بِعَيْبٍ أو خِيَارٍ أو إقَالَةٍ، رَدَّ مَالَهُ معه. وقال داودُ: يَرُدُّ العَبْدَ دُونَ مَالِه؛ لأنَّ مَالَهُ لم يَدْخُلْ في البَيْعِ، فأشْبَهَ النَّمَاءَ الحادِثَ عندَه. ولَنا، أنَّه عَيْنُ مالٍ أخَذَها المُشْتَرِى، لا تَحْصُلُ بدُونِ البَيْعِ، فيَرُدُّها بالفَسْخِ، كالعَبْدِ، ولأنَّ العَبْدَ إذا كان ذا مالٍ كانت قِيمَتُه أكْثَرَ، فأخْذُ مَالِه يَنْقُصُ قِيمَتَه، فلم يَمْلِكْ رَدَّه حتى يَدْفَعَ ما يُزِيلُ نَقْصَه. فإن تَلِفَ مالُه، ثم أرَادَ رَدَّه، فهو بمَنْزِلَةِ العَيْبِ الحادِثِ عند المُشْتَرِى، هل يَمْنَعُ الرَّدَّ؟ على رِوايَتَيْنِ،