للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأُولَى على المَنْعِ من الوَطءِ بعدَ الوَطءِ الَّذى صار به مُظاهِرًا؛ لما ذكَرْناه، فتكونُ الرِّوايتان مُتَّفِقَتَيْنِ. واللَّهُ تعالى أعلمُ.

١٣٠١ - مسألة؛ قال: (أَوْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ إحْرَامٍ، أَوْ شَىْءٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِماعُ، فيقولُ: مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُهَا. فَيَكُونُ ذلِكَ مِنْ قَوْلِه فَيْئَةً لِلْعُذْرِ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا مَضَتِ المُدَّةُ، وبالمُولِى عُذْرٌ يَمْنَعُ الوَطْءَ من مَرَضٍ، أو حَبْسٍ بغير حقٍّ، أو غيرِه، لَزِمَه أَنْ يَفِىءَ بلسانِه، فيقولَ: متى قَدَرْتُ جامعتُها. أو نحوَ (١) هذا. ومِمَّن قال: يَفِئُ بلسانِه إذا كان ذا عُذْرٍ. ابنُ مسعودٍ، وجابرُ بنُ زيدٍ، والنَّخَعِىُّ، والحسنُ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والأَوْزاعِىُّ، وعِكرِمَةُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ: لا يكون الفَىءُ إلَّا بالجِماع (٢)، فى حال العُذْرِ وغيرِه. وقال أبو ثَوْرٍ: إذا لم يَقْدِرْ، لم يُوقَفْ حتى يَصِحَّ، أو يَصِلَ إنْ كان غائِبًا، ولا تَلْزمُه الفَيْئةُ بلسانِه؛ لِأنَّ الضَّرَرَ بِتَرْكِ الوَطْءِ لا يزُولُ بالقَوْلِ. وقال بعضُ الشَّافِعِيَّةِ: يحتاجُ أن يقولَ: قد نَدِمْتُ على ما فَعَلْتُ، وإن قَدَرْتُ وَطِئْتُ. ولَنا، أَنَّ القَصْدَ بالفَيْئةِ تَرْكُ ما قَصَدَه مِنَ الإِضرارِ، وقد تَرَكَ قَصْدَ الإِضْرارِ بما أتَى به من الاعْتِذارِ، والقولُ مع العُذْرِ يَقُومُ مَقامَ فِعْلِ القادرِ، بدليلِ أَنَّ (٣) إشْهادَ الشَّفِيعِ على الطَّلَبِ بالشُّفْعَةِ عندَ العَجْزِ عن طَلَبِها، يقومُ مَقَامَ طَلَبِها فى الحُضُورِ فى إثْباتِها. ولا يَحْتاجُ أن يقولَ: نَدِمْتُ؛ لِأنَّ الغرَضَ أن يُظْهِرَ رُجوعَه عن المُقامِ على اليَمِينِ، وقد حَصَلَ بظُهُورِ عَزْمِه عليه. وحكى أبو الخطَّابِ عن القاضى، أَنَّ فَيْئةَ المَعْذورِ أن يقولَ: فِئْتُ إليكِ. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. والذى ذكَره القاضى فى "المُجَرَّدِ" مِثلُ ما ذكَر


(١) فى م: "ونحو".
(٢) فى أ، ب، م: "الجماع".
(٣) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>