للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى كَلَامِ الْخِرَقِىِّ اخْتِصَارٌ، وتَقْدِيرُه: طَلَبُوا الهِلَالَ، فإنْ رَأوْهُ صَامُوا، وإن لم يَرَوْهُ وكانتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لم يَصُومُوا. فحَذَفَ بَعْضَ الكلامِ لِلْعِلْمِ به اخْتِصَارًا.

فصل: ويُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَأَى الهِلالَ أن يَقُولَ ما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: كان رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا رَأَى الهِلَالَ قال: "اللهُ أكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بالأَمْنِ والإِيمَانِ، والسَّلَامَةِ والإِسْلَامِ، والتَّوْفِيقِ لما تُحِبُّ وتَرْضَى، رَبِّى ورَبُّكَ اللهُ". رَوَاهُ الأثْرَمُ (١٠).

فصل: وإذا رَأَى الهِلالَ أَهْلُ بَلَدٍ، لَزِمَ جَمِيعَ البِلادِ الصَّوْمُ. وهذا قَوْلُ اللَّيْثِ، وبعضِ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ. وقال بَعْضُهم: إنْ كان بينَ البَلَدَيْنِ مَسَافَةٌ قَرِيبَةٌ، لا تَخْتَلِفُ المَطَالِعُ لِأَجْلِها كبَغْدَادَ والبَصْرَةِ، لَزِمَ أهْلَهما الصَّوْمُ بِرُؤْيَةِ الهِلَالِ في أحدِهما، وإن كان بينهما بُعْدٌ، كالعِرَاقِ والحِجَازِ والشَّامِ، فِلكُلِّ أهْلِ بَلَدٍ رُؤْيَتُهم. وَرُوِىَ عن عِكْرِمَةَ، أنَّه قال: لِكُلِّ أهْلِ بَلَدٍ رُؤْيَتُهم. وهو مذهبُ القاسِمِ، وسالِمٍ، وإسحاقَ؛ لما رَوَى كُرَيْبٌ، قال: قَدِمْتُ الشَّامَ، واسْتَهلَّ عَلَىَّ هِلالُ رمضانَ، وأنا بالشَّامِ، فرَأيْنَا الهِلالَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، ثم قَدِمْتُ المَدِينَةَ في آخِر الشَّهْرِ، فسَألَنِى ابنُ عَبَّاسٍ، ثم ذَكَرَ الهِلالَ، فقال: متى رَأيْتُم الهِلَالَ؟ قلتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ. فقال: أنتَ رَأيْتَهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ؟ قُلْتُ: نعم، ورَآهُ النّاسُ، وصَامُوا، وصامَ مُعَاوِيَةُ. فقال: لكنْ رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فلا نَزَالُ نَصُومُ حتى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أو نَرَاهُ. فقلتُ: ألا تَكْتَفِى بِرُؤْيَةِ مُعاوِيَةَ وصِيامِهِ؟ فقال: لا، هكذا أمَرَنَا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [رَوَاه مُسلمٌ] (١١) قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ


(١٠) وأخرجه الدارمي، في: باب ما يقال عد رؤية الهلال، من كتاب الصوم. سنن الدارمي ٢/ ٣، ٤.
(١١) جاء هذا في م بعد كلام الترمذي، وفيه زيادة: "أيضا". وأخرجه مسلم في: باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم. . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٧٦٥. والترمذي، في: باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذي ٣/ ٢١٣.
كما أخرجه النسائي، في: باب اختلاف أهل الآفاق في الرؤيا، من كتاب الصيام. المجتبى ٤/ ١٠٥، ١٠٦. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>