للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَيْنِ فغيرُ مَكْرُوهٍ، فإنَّ مَفْهُومَ حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ أنَّه غيرُ مَكْرُوهٍ؛ لِتَخْصيصِه النَّهْىَ باليَوْمِ واليَوْمَيْنِ. وقد رَوَى العَلاءُ بنُ عبدِ الرحمنِ، عن أبِيهِ، عن أبى هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ، فَأمْسِكُوا عَنِ الصِّيَامِ، حَتَّى يَكُونَ رَمَضَانُ". قال التِّرْمِذِىُّ (٦): هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. إلَّا أن أحمدَ قال: ليس هو بمَحْفُوظٍ. قال: وسَألْنَا عنه عبدَ الرحمَنِ ابنَ مَهْدِىٍّ، فلم يُصَحِّحْهُ، ولم يُحَدِّثْنِى به، وكان يَتَوَقَّاهُ. قال أحمَدُ: والعَلاءُ ثقَةٌ لا يُنْكَرُ من حَدِيثِه إلَّا هذا؛ لأنَّه خِلَافُ ما رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه كان يَصِلُ شعبانَ بِرمضانَ (٧). [ويُمْكِنُ حَمْلُ] (٨) هذا الحَدِيثِ على نَفْىِ اسْتِحْبابِ الصِّيَامِ في حَقِّ من لم يَصُمْ قبلَ نِصْفِ الشَّهْرِ، وحَدِيثِ عائشةَ في صِلَةِ شعبانَ بِرَمضانَ في حَقِّ مَنْ صامَ الشَّهْرَ كُلَّه (٩)، فإنَّه قد جاءَ ذلك في سِياقِ الخَبَرِ، فلا تَعارُضَ بين الخَبَرَيْنِ إذًا، وهذا أوْلَى من حَمْلِهِما على التَّعارُضِ، وَرَدِّ أحَدِهما بصاحِبِه، واللهُ أعلمُ.


(٦) في: باب في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى
٣/ ٢٧٤.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في كراهية وصل شعبان برمضان، من كتاب الصوم. سنن أبي داود ١/ ٥٤٦. والدارمي، في: باب النهى عن الصوم بعد انتصاف شعبان، من كتاب الصوم. سنن الدارمي ٢/ ١٧. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤٤٢.
(٧) أخرجه أبو داود، في: باب في من يصل شعبان برمضان، من كتاب الصيام. سنن أبى داود ١/ ٥٤٥. والنسائي، في: باب ذكر حديث أبي سلمة في ذلك، وباب الاختلاف على محمد بن إبراهيم فيه، من كتاب الصيام. المجتبى ٤/ ١٢٣. وابن ماجه، في: باب ما جاء في وصال شعبان برمضان، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٢٨. والدارمى، في: باب وصال شعبان برمضان، من كتاب الصيام. سنن الدارمي ٢/ ١٧. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٣٠٠، ٣١١.
(٨) في م: "ويحمل".
(٩) أخرجه النسائي، في: باب الاختلاف على محمد بن إبراهيم في حديث أبى سلمة، وباب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عائشة فيه، وباب ذكر الاختلاف على خالد بن معدان في هذا الحديث، وباب صوم النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأبى هو وأمى، من كتاب الصيام. المجتبى ٤/ ١٢٣ - ١٢٦، ١٦٩، ١٧٠. وابن ماجه، في: باب ما جاء في وصال شعبان برمضان، من كتاب الصيام، سنن ابن ماجه ١/ ٥٢٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>